الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
{ وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ }: كالحج والجهاد، { وَلاَ تُلْقُواْ }: أنفسكم، { بِأَيْدِيكُمْ }: بعدم الإنفاق فيها، أو أيديكم بمعنى: أنفسكم، والبَاءُ صِلَةٌ، { وَأَحْسِنُوۤاْ }: إلى المحَاويْج، { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ * وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ }: ائتوا بهما تامي المناسك، { للَّهِ }: ظاهره وجوبها؛ لأنه أمر باتمامها مطلقاً بلا تقييد بالشروع، فيكون واجباً، لأن مقدمة الواجب واجب، على أنه قُرئَ: (وأَقِيْمُواْ الحَجَّ)، { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ }: مُنِعْتُمْ بعَدُوٍّ، والإحصار مخصوص بالعَدُوِّ عند الشَّافعي ومالك، وبه فَسَّره ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما-، فليس بمذهبه حتى يكون تقليداً له، ويدُلُّ عليه: { فَإِذَآ أَمِنتُمْ }، ونزولها في الحديبية ويشمل المرض ونحوه عند الحنيفة لحديث "من كُسِرَ أو عَرَجَ فقد حلَّ وعليه الحج من قابل" ، وهذا وإن رواه الترمذي فقد ضعفوه، ويدفعه حديث ضُبَاعة المروي في "الصحيحين" وغيرهما، { فَ }: عَلَيْكُم، { مَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ }: جمع هدية، وهي شاة، { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ }: أي: لا تحللوا، { حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ } مكان حل ذبحه، وهو محل الحبس عند الشافعي، والحرم عند أبي حنيفة، أي: حتى تذبحوه، { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً }: يحتاج إلى الحَلْق، { أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ }: كجُرْحٍ وقَمْلٍ، { فَفِدْيَةٌ }: فعليه فدية إن حلق، { مِّن صِيَامٍ }: ثلاثة أيام، { أَوْ صَدَقَةٍ }: بفَرق وهو ثلاثة آصُع على ستة مساكين، { أَوْ نُسُكٍ }: ذبح شاة أو ما فوقها، وكذا في الاستمتاعات ولو بلا عذر، { فَإِذَآ أَمِنتُمْ }: من الخوف وتمكنتم من المأتى إلى مكة، { فَمَن تَمَتَّعَ }: بالتقريب إلى الله تعالى، { بِٱلْعُمْرَةِ }: في أشهر الحج إلى أن وصل، { إِلَى ٱلْحَجِّ }: فحج بعد تحلله من العمرة، { فَ }: عليه:، { مَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ }: هو دَمُّ جُبْران عند الشافعي فلا يأكل منه، ونُسكٍ عند أبي حنيفة كالأضحية، { فَمَن لَّمْ يَجِدْ }: الهدي، { فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي }: أثناء، { ٱلْحَجِّ }: قبل التحلل ويستحب أن يحرم قبل السابع، { وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ }: إلى أهليكم بعد الوصول، وعند أبي حنيفة بمعنى: فراغه عنه، { تِلْكَ عَشَرَةٌ }: فَذْلَكة لرفع توهم أن الواو بمعنى "أو" أو للإباحة، أو السبعة للكثرة، أو كَقَوله تعالى: { { فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } [فصلت: 10]، { كَامِلَةٌ }: تأكِيْدٌ للاهتمام أو للتنبيه على عدم نقصها من المبدل عنه، أَوْ على أنها أول عدد كامل كما في كتب الحساب، { ذٰلِكَ } الحُكْمُ { لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ }: مجاز عن نفسه، { حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ }: هو من بينه وبين الحرم مسَافَةُ القَصْر، فإن كان أقلّ فهو مقيم أو كالمقيم، وغير المتوطن على قول المحققين من الشافعية كالمتوطن، وأُلْحقَ القارنُ بالمتمتع، { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ }: في مخالفته، { وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }: لمخالفيه.