الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
إلَّا آية: { وَيَرَى ٱلَّذِينَ } }: [سبأ: 6]
لمَّا أخبر عن تعذيب المنافقين وتكريم المؤمنين في القيامة، بيَّن أنه يستحقُّ الحمد على ذلك، وبين قدرته عليه، وهددَّ منكريه بقوله، {بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ}: خلقا ونعمة {وَلَهُ}: عطفَ على له {ٱلْحَمْدُ فِي ٱلآخِرَةِ}: لأنما فيها منه أيضًا، وقدم الصلة هنا؛ لأن النعم الدنيوية قدر تكون بواسطة من يستحق الحمد لها ظاهرا {وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ}: في فعله {ٱلْخَبِيرُ}: بخلقه {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ}: يدخل {فِي ٱلأَرْضِ}: كالغيث وغيره {وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا}: كالزرع وغيره {وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ}: من الأقضية كالرزق وغيره {وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا}: كالأعمال { وَهُوَ ٱلرَّحِيمُ ٱلْغَفُورُ}: للمقصرن {وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ}: القيامة {قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ}: الساعة {عَالِمِ ٱلْغَيْبِ}: جرا صفة، ورفعا مبتدأ خبره {لاَ يَعْزُبُ}: لا يغيب {عَنْهُ مِثْقَالُ}: مقدار {ذَرَّةٍ}: نملة صغيرة {فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}: اللوح {لِّيَجْزِيَ}: متعلق لتأتينكم {ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}: الجنة كما مر {وَٱلَّذِينَ سَعَوْا فِيۤ}: إبطال {آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ}: مقدر عجزنا {أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ}: سيء العذاب {أَلِيمٌ}: مؤلم {وَيَرَى}: يعلم {ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ}: الصحابة وتبعهم {ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ}: القرآن {هُوَ ٱلْحَقَّ وَيَهْدِيۤ}: القرآن {إِلَىٰ صِرَاطِ}: دين الله {ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ * وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ}: تعجبا بعد إنكار الساعة لبعضهم {هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ}: هو محمد صلى الله عليه وسلم {يُنَبِّئُكُمْ}: بأعجوبة {إِذَا مُزِّقْتُمْ}: بليتم {كُلَّ مُمَزَّقٍ}: تمزيق فصرتم ترابا {إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ * أَفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً}: فيه {أَم بِهِ جِنَّةٌ}: جنون يوهمه ذلك والافتراء أخص من الكذب فلم يثبت واسطة بينه وبين الصدق {بَلِ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ فِي ٱلْعَذَابِ}: فيهما {وَٱلضَّلاَلِ ٱلْبَعِيدِ}: عن الصواب في الدنيا، والإسناد مجازي {أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ}: كما خسفنا بمن كان قبلهم {أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً}: قطعا {مِّنَ ٱلسَّمَآءِ}: كيوم الظلة {إِنَّ فِي ذَلِكَ}: المرئي {لآيَةً}: دالة {لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ}: راجع إلى ربه {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً}: بجمع النبوة والملك وغيره قائلين {يٰجِبَالُ أَوِّبِي}: رَجّعي {مَعَهُ}: التسبيح أو النوحة على الذنب {وَٱلطَّيْرَ}: أي: معه، فكانا يسبحان معه بحيث يفهمه السامعون {وَأَلَنَّا لَهُ ٱلْحَدِيدَ}: كالشمع بإلانته أو قوته بلا نار ومطرقة قائلين: {أَنِ ٱعْمَلْ}: دروعا {سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي ٱلسَّرْدِ}: في نسجها بحيث تتناسب حلقها، وهو اول من صنعها، ولم يكن درعه مسمرا {وَٱعْمَلُواْ}: يا داود وآله { صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}: فاجازيكم {وَ}: سخرنا {لِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا}: سيرها غدوة {شَهْرٌ}: مسيرته {وَرَوَاحُهَا}: سيرها من زوال إلى الغروب {شَهْرٌ}: مسيرته {وَأَسَلْنَا}: أذبنا {عَيْنَ ٱلْقِطْرِ لَهُ}: النحاس، فأجريت ثلاثة أيام بلياليهن، أو باليمن، وقيل: وراء أندلس، وبني منه قصرا بلا باب حبس فيه المردة {وَ}: سخرنا له {مِنَ ٱلْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ}: بأمر {رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ}: يعدل {مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا}: الذي هو طاعته {نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ}: تدركه صاعقة تحرقه، أو عذاب الآخرة {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ}: أبنية مرتفعة {وَتَمَاثِيلَ}: صور الملائكة والأنبياء على هيئة عباداتهم فيقتدي الناس بهم، وكان يومئذ مباحا {وَجِفَانٍ}: صحون {كَٱلْجَوَابِ}: جمع جابيه حوض كبير، كان يأكل من صحن واحد ألف {وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ}: كالجبال، قلنا: {ٱعْمَلُوۤاْ}: لنايا {آلَ دَاوُودَ شُكْراً}: لنا بطاعتنا بالقلب واللسان والجوارح {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ}: المتوقر على أدائه بالثلاثة، إذ هو نعمة تستدعي شكرا آخر