{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ}: أي: سافرتم قدر أربعة بُرُدٍ؛ للسُّنَّة، وعند الحنيفة ستة برد، {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ}: حرج في، {أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَٰوةِ}: بتنصيْف ركعات الرباعية، وظاهره الجواز خلافاً للحنيفة، وصَحَّ أنه -صلى الله عليه وسلم- أتمَّها وأقر إتمام عائشة -رضي الله عنها-، وقول عمر -رضي الله عنه: "صلاةُ الَّفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم": فمعناه أنه كالتمام في الإجزاء، وقول عائشة -رضي الله عنها-: " أول مَا فُرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأُقرَّت في السَّفر وزيدتْ في الحضر" لا ينفي جواز الزيادة، {إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ}: ينالكم بمكروه، {ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ}: شرط خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له كنظائره، وقد نطق به أحاديث كثيرة أو: {إِنْ خِفْتُمْ} ابتداء كلام، وجوابه محذوف، نحو: فاحطاتوا، يدُلُّ عليه، {إِنَّ ٱلْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً * وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ}: حاضراً، هذا جارٍ على عادة القرآن في الخطاب فلا مفهوم له، {فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَٰوةَ}: اجعلهم طائفتين، {فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ}: فصَلِّ بهم، والأخرى تجاه العدو، {وَلْيَأْخُذُوۤاْ}: المُصلُّون أو الحارسون، {أَسْلِحَتَهُمْ}: حزماً، {فَإِذَا سَجَدُواْ}: أي: صلُّوا وأتمُّوا الصلاة، {فَلْيَكُونُواْ}: المصلون، {مِن وَرَآئِكُمْ}: حارسين، {وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ}: المصلون أو الحارسون، {حِذْرَهُمْ}: تحرُّزهم، وهذها استعارة عن الآلة وفيه مبالغة، {وَأَسْلِحَتَهُمْ}: ولا يرد أنه جمع بين الحقيقة والمجاز في الأخذ، وظاهرها صلاة الإمام مرتين كصلاته -صلى الله عليه وسلم- ببطن النخل، وإن أريد أن يُصلي بكلِّ ركعةٍ في الثنائية، فيصلي بالأولى ركعة، وينتطرها قائما ليتموا منفردين ويذهبوا إلى العدو فيتم بالأخرى الثانية وينتظرهم قاعداً ليسلم بهم، كفعله -صلى الله عليه وسلم- بذات الرقاع، وروي في كيفيتها ستة وجوه أو سبعة بَسطوها في الفقه، {وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ}: عند صلاتكم بالقتال، {مَّيْلَةً وَاحِدَةً}: مجتمعين، {وَلاَ جُنَاحَ}: لا وزر، {عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ أَن تَضَعُوۤاْ أَسْلِحَتَكُمْ}: لثقلها، هذا يؤيد القول بوجوب حملها، {وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ}: تيقظكم بكلِّ حالٍ، {إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً}: غَلبوا أو غُلبوا، {فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَٰوةَ}: أردتم أدائها في اشتداد الخوف، {فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ}: صَلُّوا، {قِيَاماً}: مُسايفيْنَ، {وَقُعُوداً}: مُرامين، {وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ}: مُثخَنين، أو: إذا أديتم الصلاة فاذكروه في كل حال جبرا لتخفيفاتها، وعند الحنيفة: لَا يصلي حتى يطمئن {فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ} [سكنت قُلوبُكُم و] زال خوفكم، {فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ}: عدِّلُوا أركانها، وعند حنيفة: لَا يصلي حتى يطمئن {إِنَّ ٱلصَّلَٰوةَ كَانَتْ} للدَّوَام {عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً}: مَفْروضاً، {مَّوْقُوتاً}: مَحْدود الأوقات، {وَلاَ تَهِنُواْ}: لا تضعفوا، {فِي ٱبْتِغَآءِ}: طلب قتال {ٱلْقَوْمِ}: الكفار، {إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ}: بالجرح، {فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ}: من الثواب والنصر لعدم اعتقادهم بالبعث، وما أنزل إليكم، {مَا لاَ يَرْجُونَ}: فلكم هذا المزيد، فكونوا أصبر، {وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً}: بضمائركم، {حَكِيماً}: فيما حكم، {إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ}: القرآن ملتبساً، {بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ}: عَرَّفك، {ٱللَّهُ}: بالوحي، {وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ}: لأجلهم، كَطُعْمةَ بن أبريق إذ سرق دِرْع جاره، وأودعه عند يهودي، ثم اتهمه به، {خَصِيماً}: للبرآء كهذا المتهم، {وَٱسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ}: من إرادة خصمه البريء، {إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً}: لمن استغفره {وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ}: يخونون، {أَنْفُسَهُمْ}: بالمعصية ويجعلونها خائنة كطعمة وعشيرته، {إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً}: كثير الخيانة، {أَثِيماً}: منهمكاً في الإثم كطعمة، {يَسْتَخْفُونَ}: ذكر معاصيهم، {مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ}: والإخفاء عنه تركه، {إِذْ يُبَيِّتُونَ}: يدبرون، {مَا لاَ يَرْضَىٰ}: الله به، {مِنَ ٱلْقَوْلِ}: كرمي البريء، {وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً}: بالعلم فيجازيهم، {هَٰأَنْتُمْ} يا {هَـٰؤُلاۤءِ}: الحمقى، يعني يا قوم طعمة، {جَٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ}: عن طعمة وعشيرته، {فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا فَمَن يُجَٰدِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ}: إذا أخذهم، {أَمْ}: بل، {مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً * وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً}: مع غيره، {أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ}: فقط، {ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ}: بالتوبة، {يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً}: عن ابن مسعود أنها من أرجى الآيات.