الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
مختلف فيها.
لمَّا أُمِر بالصبر على أذَى الكافرين الصَّادين عن سبيل الله، بين سوء عاقبتهم بقوله: {بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ}: امتنعوا ومنعوا {عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ}: الإيمان {أَضَلَّ}: أضاع {أَعْمَٰلَهُمْ}: من نهو مكارمهم، فلا يثابون بها في الآخرة {وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ}: خصة تعظيما، ولأنه الأصل {وَهُوَ ٱلْحَقُّ}: الناسخ الذي لا ينسخ الكائن {مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ}: سترها بإيمانهم وعملهم {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ}: حالهم {ذَلِكَ}: المذكور من الإضلال والتفكير والإصلاح {بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْبَاطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْحَقَّ}: الكائن {مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ}: البيان {يَضْرِبُ}: يبين {ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ}: أحوالهم {فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ}: أصله: فاضربوا الرقاب ضربا، أي: اقتلوهم بهذا الطريق إن أمكن {حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ}: أكثرتم قتلهم وأسرتموهم {فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ}: للأسرى واحفظوهم لئلا يهربوا {فَإِمَّا}: تمنون {مَنًّا بَعْدُ}: بلإطلاقهم مجانا، أو استرقاقهم {وَإِمَّا}: تفدون { فِدَآءً}: بمال أو أسرى المسلمين، فيخير بعد أسر الذكر الحر المكلف بين القتل والمن والفداء والاسترقاق، والأخير منسوخ عند الحنفية، أو مختص ببدر {حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}: أثقالها التي لا تقوم إلا بها، كالسلاح، أي: تنقضي بحيث لم يبق إلا مسلم أو مسالم الأمر فيهم {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ}: لا نتقم {مِنْهُمْ}: من الكفار بلا قتالكم {وَلَـٰكِن}: أمركم بالقتال {لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}: فيكرم المؤمن بالغنيمة أو الشهادة، ويخزي الكافرين {وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ}: يضيع {أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ}: إلى سبيل السلام {وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ}: حالهم دائما {وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ}: وقد {عَرَّفَهَا لَهُمْ}: في الدنيا ليشتاقوا إليها، أو طيبها {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ}: أي: دينه {يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}: على الطاعة أو الصراط {وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً}: نقيصة وهلاكا {لَّهُمْ}: من الله {وَأَضَلَّ}: ضيع {أَعْمَالَهُمْ}: عطف على تعيسوا المقدر {ذَلِكَ}: من التعس والإضلال {بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ}: القرآن {فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ}: كرره إشعارا بلزومه الكفر به {أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ}: أستأصلهم وأموالهم {وَلِلْكَافِرِينَ}: أي: لهم {أَمْثَالُهَا}: أي: أمثال تلك العاقبة {ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى}: ولي {ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ}: لكنه مولاهم بمعنى مالكهم كما في { مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ } }: [الأنعام: 62] {إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ}: في الدنيا {وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَامُ}: بلا شكر وملاحظة حِلٍّ {وَٱلنَّارُ مَثْوًى}: منزل {لَّهُمْ * وَكَأَيِّن}: كم {مِّن}:أهل {قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن}: أهل {قَرْيَتِكَ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ}: الإسناد باعتبار السبب {أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ}: أي: لم يكن {أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ}: حجة {مِّن رَّبِّهِ}: كالقرآن {كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ}: جمع باعتبار المعنى {أَهْوَاءَهُمْ * مَّثَلُ}: عجيب صفة {ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ}: ها {ٱلْمُتَّقُونَ}: فيما قصصنا عليك {فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ}: متغير ولو في بطن شاربه {وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ}: حموضة وغيرها {وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ}: لذيذة {لِّلشَّارِبِينَ}: طعما وريحا {وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى}: من كل وسخ {وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ}: أصناف {ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ}: رضا {مِّن رَّبِّهِمْ}:؛ ذكره لإمكان سخط السيد عبده إحسانه إليه، أفمن هو خالد فيها {كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً}: شديد الحر {فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ * وَمِنْهُمْ}: من المنافقين {مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ}: استهزاء { لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ}: علماء الصحابة {مَاذَا قَالَ}: محمد {آنِفاً}: الساعة القريبة أي: ما كنا ملتفتين إليه { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ}: فلا تهتدي {وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ}: شهواتهم {وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ}: الله تعالى {هُدًى}: بالتوفيق {وَآتَاهُمْ}: ألهمهم {تَقْوَاهُمْ}: ما يتقون به {فَهَلْ}: ما {يَنظُرُونَ}: ينتظرون في تأخيرهم الإيمان {إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ}: بدل منها {بَغْتَةً فَقَدْ}: أي: لأنه {جَآءَ أَشْرَاطُهَا}: علامتها كبعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشق القمر {فَأَنَّىٰ}: فكيف {لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ}: الساعة {ذِكْرَٰهُمْ}: اتعاظهم حين لا ينفعهم، إذا علمت حال الفريقين {فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ}: مستحق للعبادة {إِلاَّ ٱللَّهُ}: كما مر بيانه، أي: دم على اعتقاده {وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ}: من الفرطات هضما لنفسك، أو ليقتدي بك {وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ}: حذف المضاف وإعادة الجار مشعران بشدة احتياجهم إليه، وبتغاير جنسي الذنبين {وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ }: متصرفكم في الدنيا {وَمَثْوَاكُمْ}: في العقبي فاتقوه