الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
{وَقَالُوۤاْ إِنْ هِيَ} ما الحياةُ {إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ}: كوقوف العبد الجاني بين يدي سيده، {قَالَ}: الله، {أَلَيْسَ هَـٰذَا}: البعث، {بِٱلْحَقِّ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ * قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ}: البعث وما يتبعه، {حَتَّىٰ}: غاية تكذيبهم {إِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلسَّاعَةُ}: أي: مقدمتها وهي الموت {بَغْتَةً}: فجأة، {قَالُواْ يٰحَسْرَتَنَا}: تعالي فهذا أوانك {عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا}: تقصيرنا {فِيهَا} في الدنيا، {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ}: آثامهم ممثلة بأقبح صورة منتنة، {عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ}: ونسوقهم إلى النار، {أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ}: يحملون، {وَمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَعِبٌ}: ما يشغلك عما ينفعك إلى ما لا ينفعك، {وَلَهْوٌ}: صرف النفس من الجد إلى الهزل يعني لا تعقب نفعا مثلهما، {وَ}: الله، {لَلدَّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ}: للدوام لذاتها، وأما خيرتها لنحو المجانين والصبيان فالتبع {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}: أنه كذلك، {قَدْ}: في مثل ذلك لمجرد التحقيق {نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ}: من التكذيب، {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ}: حقيقةً {وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ}: أي: لكنهم، {بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ}: هو كقولك لعبدك: ما أهانوك بل أهانوني، ومنه: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ } [الفتح: 10]، {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا}: فصبر حتى أتاك، {وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ}: مواعيده فلا تستعجل، وأمَّا وعيده فيمكن تبديله بالعفو، {وَلَقدْ جَآءَكَ مِن}: بعض، {نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ}: كيف صبروا، {وَإِن كَانَ كَبُرَ}: شقَّ، {عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ}: عنك {فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ}: تطلب، {نَفَقاً}: منفذا، {فِي ٱلأَرْضِ}: تنفذ فيه، {أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ}: تصعد به إليها، {فَتَأْتِيَهُمْ}: من أحدهما {بِآيَةٍ}: تلجئهم إلى الإيمان فافْعل، يعني: لا يغير حكمنا الأزلي فاصْبر {وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ}: بالحرص على ما لم نرد، وإنما خاطب نوحا بألين من هذا، وهو قوله: { إِنِّيۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } [هود: 46] لوضوح عذره؛ لأنه وعد إنجاء أهله، ونبينا عليه الصلاة والسلام علم أنَّ إيمانهم بمشيئة الله، {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ} يجيب دعوتك، {ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ}: لا من ختم على سمعه، {وَٱلْمَوْتَىٰ}: مجاز عن الكفرة، {يَبْعَثُهُمُ}: يجيبهم، {ٱللَّهُ}: فيعلمهم حين لا ينفعهم، {ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}: للجزاء، {وَقَالُواْ لَوْلاَ}: هلَّا، {نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ}: كملك يشهد له {قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلٍ آيَةً}: وفق طلبهم، {وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}: أنَّ إجابته تضرهم لعدم نفعهم ولإهلكم بعدها كما هو سنة الله، لا يقالُ: فلكل نبي أن يجيب كذلك فلا يحتاج إلى معجزة، لأن هذا الجواب بعد ثبوت نبوته بمعجزة.