{وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم}: أكثر الأمم الماضية {مِّنْ}: وفاءِ {عَهْدٍ}: كان بينهم وبين الله أو رسله، {وَإِن}: إنه، {وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ}: خارجين عن طاعتنا، {ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم}: بعد الرُّسُل {مُّوسَىٰ بِآيَٰتِنَآ}: معجزاته {إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ}: أشرف قومه، فإنهم إن أسلموا اتبعهم الرعايا، {فَظَلَمُواْ}: بالآيات لكفرهم {بِهَا} {فَٱنْظُرْ}: يا مُحمَّدُ {كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ * وَقَالَ مُوسَىٰ يٰفِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ * حَقِيقٌ عَلَىٰ أَنْ}: أي: بأن بتشديد الياء، أي حقيق بالرسالة على أن، {لاَّ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ}: لا أنسب إليه، {إِلاَّ ٱلْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ}: مُعجزة {مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ}: لنروح إلى الأرض المقدسة؛ فإن فرعون كان استخدمهم بالأعمال الشَّاقَّة {قَالَ} فرعونُ: {إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَآ}: أحْضرها، {إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ * فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ}: حية عظيمة، {مُّبِينٌ}: قيل: ما أشعر فاغراً فاه، بين لحييه ثمانون ذراعاً، فقصد فرعون فازدحم مع قومه، فمات منهم خمسة وعشرون ألفاً، {وَنَزَعَ}: أخرج، {يَدَهُ}: من جيبه بعدما أدخلها فيه {فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ}: بحيثُ غلب شعاعها نور الشمس {لِلنَّاظِرِينَ}: أي: لا في جبلَّتها؛ لأنه كان آدم، {قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ}: مُوافقين لقوله كما في الشعراء: {إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ}: يا معشر القِبطِ {مِّنْ أَرْضِكُمْ}: مصر، {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}: تشيرون في أمره من المؤامرة، {قَالُوۤاْ}: بعد اتفاقهم: {أَرْجِهْ}: أخِّر أمرهُ، أصله: أرجئة، {وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ}: مدائن صعيد مصر، رجالاً {حَاشِرِينَ}: جامعين سحرها، {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ}: بعد طلبهم، {قَالْوۤاْ إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ}: على موسى، {قَالَ نَعَمْ}: إن لكم أجراً {وَإِنَّكُمْ لَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ * قَالُواْ}: اعتمادا على غلبتهم أو أدباً كأهل الصنائع: {يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ}: عصاك أولاً، {وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحْنُ ٱلْمُلْقِينَ}: آلات سحرنا، {قَالَ}: موسى كرماً أو ازدراء بهم، {أَلْقُوْاْ فَلَمَّآ أَلْقَوْاْ سَحَرُوۤاْ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ}: خيَّلوا إلى أعينهم ما لا حقيقة له، {وَٱسْتَرْهَبُوهُمْ}: خوّفوهم، كانوا خمسة عشر ألفاً مع كلِّ واحد عَصا وحبال فجعلوها حيات، وبينَّا في البقرة أنه من السحر {وَجَآءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ * وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ}: فألقاها، {فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ}: تبتلع، {مَا يَأْفِكُونَ}: يزورونه {فَوَقَعَ}: ثبت {ٱلْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُواْ}: فرعون وقومه، {هُنَالِكَ وَٱنقَلَبُواْ}: صاروا، {صَاغِرِينَ}: ذليلين مغلوبين، {وَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَاجِدِينَ}: وهذا لا ينافي سجودهم طوعاً {قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ}: لا رب القبط يزعمهم، واعلم أنه يجوز نبيان في زمان لا إمامان؛ لأن قيامهما بالاجتهاد قد يؤدي إلى إختلاف الكلمة في بعض الأمور {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ}: أُرخِّص {لَكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَمَكْرٌ}: حيلة {مَّكَرْتُمُوهُ}: أنتم وموسى {فِي ٱلْمَدِينَةِ}: قبل الخروج منها، {لِتُخْرِجُواْ مِنْهَآ أَهْلَهَا}: القبط لتختصَّ مصر بكم، {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}: عاقبة أمْرِكم وهي إني {لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ}: مختلفات اليد اليمنى، والرجل اليسرى {ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوۤاْ إِنَّآ}: بالموت، {إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ}: فلا نخافُ وعيدكم، {وَمَا تَنقِمُ}: تنكرُ {مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا}: ثم توجهوا إلى الله تعالى قائلين، {رَبَّنَآ أَفْرِغْ}: أفض {عَلَيْنَا صَبْراً}: لنثبت على دينك {وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ * وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ}: إغراءً له، {أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ}: بدعوتهم إلى عبادة غيرك {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ}: هي أصنامٌ صنعها لهم ليعبدوها تقرباً إليه وفي التوراة ما يدل على أنه كان له أمراء على كل قبيلة تُسمَّى آلهتهم {قَالَ} فرعون: {سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ وَنَسْتَحْيِـي}: نترك أحياءً {نِسَآءَهُمْ}: للخدمة كما فعلنا بهم أولاً، {وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ}: نغلبهم.