{ثمَّ ننجي رسلنا والذين آمنوا} هذا إخبارٌ عن ما كان الله سبحانه يفعل في الأمم
الماضية من إنجاء الرُّسل والمُصدِّقين لهم عما يعذِّب به مَنْ كفر {كذلك} أَيْ:
مثل هذا الإِنجاء {ننج المؤمنين} بمحمَّد صلى الله عليه وسلم من عذابي.
{قل يا أيها الناس} يريد: أهل مكَّة {إن كنتم في شك من ديني} الذي جئت به
{فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله} أيْ: بشكِّكم في ديني لا أعبد غير الله
{ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم} يأخذ أرواحكم، وفي هذا تهديدٌ لهم؛ لأنَّ وفاة
المشركين ميعاد عذابهم، وقوله:
{وأن أقم وجهك للدين حنيفاً} استقم بإقبالك على ما أُمرت به بوجهك.
{ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرُّك} أَيْ: شيئاً ما؛ لأنَّه لا يتحقق النَّفع
والضَّرُّ إلاَّ من الله، فكأنَّه قال: ولا تدع من دون الله شيئاً.
{وإن يمسسك بضرٍّ} بمرضٍ وفقرٍ {فلا كاشف له} لا مزيل له {إلاَّ هو}،
{وإن يردك بخيرٍ} يرد بك الخير {فلا رادَّ لفضله} لا مانع لما تفضَّل به عليك
من رخاءٍ ونعمةٍ {يصيب به} بكلَّ واحدٍ ممَّا ذُكر {من يشاء من عباده}.
{قل يا أيها الناس} يعني: أهل مكَّة {قد جاءكم الحق} القرآن {من ربكم}
وفيه البيان والشِّفاء {فمن اهتدى} من الضَّلالة {فإنما يهتدي لنفسه} يريد: مَنْ
صدَّق محمَّداً عليه السَّلام فإنَّما يحتاط لنفسه {ومَنْ ضلَّ} بتكذيبه {فإنما يضلُّ عليها} إنَّما يكون وبال ضلاله على نفسه {وما أنا عليكم بوكيلٍ} بحفيظٍ من
الهلاك حتى لا تهلكوا.
{واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله} نسخته آية السَّيف؛ لأنَّ الله
سبحانه حكم بقتل المشركين، والجزية على أهل الكتاب.