{ والذين كسبوا السيئات } عملوا الشِّرك { جزاء سيئة } أَيْ: فهلم جزاء سيئةٍ
{ بمثلها وترهقهم ذلة } يُصيبهم ذلٌّ وخزيٌ وهوانٌ { ما لهم من الله } من عذاب الله
{ من عاصم } من مانعٍ يمنعهم { كأنما أغشيت } أُلبست { وجوههم قطعاً } طائفةً
{ من الليل } وهو مظلم.
{ ويوم نحشرهم جميعاً } نجمعهم جميعاً: الكفَّارَ وآلهتَهم { ثمَّ نقول للذين
أشركوا مكانكم } قفوا والزموا مكانكم { أنتم وشركاؤكم فزيلنا } فرَّقنا وميَّزنا
{ بينهم } بين المشركين وبين شركائهم، وانقطع ما كان بينهم من التَّواصل في
الدُّنيا { وقال شركاؤهم } وهي الأوثان: { ما كنتم إيانا تعبدون } أنكروا عبادتهم،
وقالوا: ما كنَّا نشعر بأنَّكم إيَّانا تعبدون، والله يُنطقها بهذا.
{ فكفى بالله شهيداً... } الآية. هذا من كلام الشُّركاء. قالوا: شهد الله على علمه
فينا، ما { كنا عن عبادتكم } إلاَّ غافلين؛ لأنَّا كنَّا جماداً لم يكن فينا روحٌ.
{ هنالك } في ذلك الوقت { تبلو } تختبر { كلُّ نفس ما أسلفت } جزاء ما قدَّمَتْ من
خيرٍ أو شرٍّ { ورُدُّوا إلى الله مولاهم الحق } أَي: الذي يملك تولِّي أمرهم ويجازيهم
بالحقِّ { وضلَّ عنهم } زال وبطل { ما كانوا يفترون } في الدُّنيا من التَّكذيب.
{ قل مَنْ يرزقكم من السماء والأرض } مَنْ يُنزِّل من السَّماء المطر، ويُخرج النَّبات
من الأرض؟ { أم مَنْ يملك السمع والأبصار } مَنْ جعلها وخلقها لكم؟ على
معنى: مَنْ يملك خلقها { ومن يخرج الحيَّ من الميت } المؤمن من الكافر،
والنَّبات من الأرض، والإِنسان من النُّطفة، وعلى الضدِّ من ذلك { يخرج الميِّتَ
من الحيِّ ومَنْ يدبر } أمر الدُّنيا والآخرة { فسيقولون الله } أَي: الله الذي يفعل هذه
الأشياء، فإذا أقرُّوا بعد الاحتجاج عليهم { فقل أفلا تتقون } أفلا تخافون الله، فلا
تشركوا به شيئاً.
{ فذٰلكم الله ربكم الحق } أَي: الذي هذا كلُّه فِعْلُه هو الحقُّ، ليس هؤلاء الذين
جعلتم معه شركاء { فماذا بعد الحق } بعد عبادة الله { إلاَّ الضلال } يعني: عبادة
الشَّيطان { فأنى تصرفون } يريد: كيف تُصرف عقولكم إلى عبادة ما لا يرزق ولا
يحيي ولا يميت.
{ كذلك } هكذا { حقت } صدَّقت { كلمت ربك } بالشَّقاوة والخذلان { على
الذين فسقوا } تمرَّدوا في الكفر { أنَّهم لا يؤمنون }.