{فاستجاب له ربُّه فصرف عنه كيدهنَّ} حتى لم يقع في شيءٍ ممَّا يطالبنه به {إنَّه
هو السميع} لدعائه {العليم} بما يخاف من الإثم.
{ثم بدا لهم} للعزيز وأصحابه {من بعد ما رأوا الآيات} آيات براءة يوسف
{ليسجننه حتى حين} وذلك أنَّ المرأة قالت: إنَّ هذا العبد فضحني في النَّاس
يُخبرهم أنِّي راودته عن نفسه، فاحبسه حتى تنقطع هذه المقالة، فذلك قوله:
{حتى حين} أَيْ: إلى انقطاع اللائمة.
{ودخل معه السجن فتيان} غلامان للملك الأكبر، رُفع إليه أنَّ صاحب طعامه
يريد أن يَسُمَّه، وصاحب شرابه مَالأَهُ على ذلك، فأدخلهما السِّجن، ورأيا يوسف
يُعبِّر الرُّؤيا، فقالا: لنجرِّب هذا العبد العبرانيّ، فتحالما من غير أن يكونا رأيا
شيئاً، وهو قوله {قال أحدهما} وهو السَّاقي {إني أراني أعصر خمراً} أَيْ:
عنباً، وقال صاحب الطَّعام: {إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً} رأيتُ كأنَّ فوقَ
رأسي خبزاً {تأكل الطير منه} فإذا سباعُ الطير يَنْهَشْنَ منه {نبئنا بتأويله} أَيْ:
خبرنا بتفسير الرُّؤيا {إنا نراك من المحسنين} تُؤثر الإِحسان، وتأتي جميل
الأفعال، فعدلَ يوسف عليه السَّلام عن جواب مسألتهما، ودَلَّهما أولاً على أنَّه
عالمٌ بتفسير الرُّؤيا فقال:
{لا يأتيكما طعام ترزقانه} تأكلان منه في منامكما {إلاَّ نبأتكما بتأويله} في اليقظة {قبل أن يأتيكما} التَّأويل {ذٰلكما مما علمني ربّي} أَيْ: لست أخبركما على
جهة التَّكهُّن والتَّنجُّم، إنَّما ذلك بوحي من الله عزَّ وجلَّ وعلمٍ، ثمَّ أخبر عن إيمانه
واجتنابه الكفر بباقي الآية.