{ أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف } الذي فعلتم به ما فعلتم { وهذا أخي }
المظلوم من جهتكم { قد منَّ الله علينا } بالجمع بيننا بعد ما فرَّقتم { إنه مَن يتق }
الله { ويصبر } على المصائب { فإنَّ الله لا يضيع أَجْرَ المحسنين } أجر مَنْ كان هذا
حاله.
{ قالوا تالله لقد آثرك الله علينا } فضَّلك الله علينا بالعقل والعلم، والفضل والحسن
{ وإنْ كنا لخاطئين } آثمين في أمرك.
{ قال لا تثريب عليكم اليوم } لا تأنيب ولا تعيير عليكم بعد هذا اليوم، ثمَّ جعلهم
في حلِّ، وسأل لهم المغفرة فقال: { يغفر الله لكم... } الآية، ثمَّ سألهم عن أبيه
فقالوا: ذهبت عيناه، فقال:
{ اذهبوا بقميصي هذا } وكان قد نزل به جبريل عليه السَّلام على إبراهيم عليه
السَّلام لمَّا أُلقي في النَّار، وكان فيه ريح الجنَّة لا يقع على مبتلى ولا سقيم إلاَّ
صحَّ، فذلك قوله: { فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً } يرجعْ ويَعُدْ بصيراً.
{ ولما فصلت العير } خرجت من مصر مُتوجِّهةً إلى كنعان { قال أبوهم } لمن
حضره: { إني لأجد ريح يوسف } وذلك أنَّه هاجت الرِّيح فحملت ريح القميص
واتَّصلت بيعقوب، فوجد ريح الجنَّة، فعلم أنَّه ليس في الدُّنيا من ريح الجنَّة إلاَّ
ما كان من ذلك القميص { لولا أن تفندون } تُسفِّهوني وتُجهِّلوني.
{ قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم } شقائك القديم ممَّا تكابد من الأحزان على
يوسف وخطئك في النِّزاع إليه على بعد عهده منك، وكان عندهم أنَّه قد مات،
وقوله:
{ فارتدَّ بصيراً } أَيْ: عاد ورجع بصيراً.