خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٧٦
وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٧٧
وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
٧٨
أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَٰتٍ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱللَّهُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لأَيٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٧٩
وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ
٨٠
وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ
٨١
فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ
٨٢
-النحل

{ وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء } من الكلام، لأنَّه لا يَفْهم ولا يُفهم عنه { وهو كَلٌّ } ثِقْلٌ ووبالٌ { على مولاه } صاحبه وقريبه { أينما يوجهه } يرسله { لا يأت بخير } لأنَّه عاجزٌ لا يَفهم ما يقال له، ولا يُفهم عنه { هل يستوي هو } أَيْ: هذا الأبكم { ومَنْ يأمر بالعدل } وهو المؤمن يأمر بتوحيد الله سبحانه { وهو على صراط مستقيم } دينٍ مستقيمٍ، يعني: بالأبكم أُبيَّ بن خلف، وكان كلاًّ على قومه؛ لأنَّه كان يؤذيهم، ومَن يأمر بالعدل حمزة بن عبد المطلب.
{ ولله غيب السمٰوات والأرض } أَيْ: علم ما غاب فيهما عن العباد { وما أمر الساعة } يعني: القيامة { إلاَّ كلمح البصر } كالنَّظر بسرعةٍ { أو هو أقرب } من ذلك إذا أردناه، يريد: إنه يأتي بها في أسرع من لمح البصر إذا أراده. { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً } أَيْ: غير عالمين { وجعل لكم السَّمْعَ والأبصار } أَيْ: خلق لكم الحواسَّ التي بها يعلمون، ويقفون على ما يجهلون.
{ ألم يروا إلى الطير مسخرات } مذلَّلاتٍ { في جوِّ السماء } يعني: الهواء، وذلك يدلُّ على مُسخِّرٍ سخَّرها، ومدبِّرٍ مكَّنها من التَّصرُّف { ما يُمسكهنَّ إلاَّ الله } في حال القبض والبسط والاصطفاف.
{ والله جعل لكم من بيوتكم سكناً } موضعاً تسكنون فيه، ويستر عوراتكم وحرمكم، وذلك أنَّه خلق الخشب والمدر والآلة التي يمكن بها تسقيف البيوت { وجعل لكم من جلود الأنعام } يعني: الأنطاع والأدم { بيوتاً } وهي القباب والخيام { تستخفونها يوم ظعنكم } يخفُّ عليكم حملها في أسفاركم { ويوم إقامتكم } لا يثقل عليكم في الحالتين { ومن أصوافها } يعني: الضَّأن { وأوبارها } يعني: الإِبل { وأشعارها } ، وهي المعز { أثاثاً } طنافس وأكسية وبُسطاً { ومتاعاً } تتمتَّعون به { إلى حين } البلى.
{ والله جعل لكم مما خلق } من البيوت والشَّجر والغمام { ظلالاً وجعل لكم من الجبال أكناناً } يعني: الغِيران والأسراب { وجعل لكم سرابيل } قمصاً { تقيكم الحر } تمنعكم الحرَّ والبرد، [فترك ذكر البرد]؛ لأنَّ ما وقى الحرَّ وقى البرد، فهو معلوم { وسرابيل } يعني: دروع الحديد { تقيكم } تمنعكم { بأسكم } شدَّة الطَّعْن والضَّرب والرَّمي { كذٰلك } مثل ما خلق هذه الأشياء لكم { يتمُّ نعمته عليكم } يريد: نعمة الدُّنيا، والخطاب لأهل مكَّة { لعلَّكم تسلمون } تنقادون لربوبيته فتوحِّدونه.
{ فإن تولوا } أعرضوا عن الإِيمان بعد البيان { فإنما عليك البلاغ المبين } وليس عليك من كفرهم وجحودهم شيء.