{ فَخَلفَ من بعدهم } قفا بعد هؤلاء { خلف } قوم سوء، يعني: اليهود والنَّصارى
والمجوس { أضاعوا الصلاة } تركوا الصَّلاة المفروضة { واتبعوا الشهوات } اللَّذات
من شرب الخمر والزِّنا { فسوف يلقون غياً } وهو وادٍ في جهنم.
{ إلاَّ من تاب } من الشِّرك { وآمن } وصدَّق النَّبيِّين { وعمل صالحاً } أدَّى الفرائض
{ فأولئك يدخلون الجنَّة ولا يظلمون شيئاً } لا يُنقصون من ثواب أعمالهم شيئاً.
{ جنات عدن التي وعد الرحمٰن عباده بالغيب } بالمغيب عنهم ولم يروها { إنَّه كان
وعده مأتياً } يؤتي ما وعده لا محالة، تأتيه أنت كما يأتيك هو.
{ لا يسمعون فيها لغواً } قبيحاً من القول { إلاَّ } لكن { سلاماً } قولاً حسناً
يسلمون منه، والسَّلام: اسمٌ جامعٌ للخير { ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً } على
قدر ما يعرفون في الدُّنيا من الغداء والعشاء.
{ تلك الجنة التي نورث } نُعطي ونُنرل { من عبادنا مَنْ كان تقياً } يتَّقي الله بطاعته
واجتناب معاصيه.
{ وما نتنزل } كان جبريل عليه السَّلام قد احتبس عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أيَّاماً، فلمَّا نزل
قال له: ألاَّ زرتنا، فأنزل الله سبحانه { وما نتنزل إلاَّ بأمر ربك له ما بين
أيدينا } من أمر الآخرة [ { وما خلفنا } ما مضى من أمر الدُّنيا] { وما بين ذلك }
ما يكون من هذا الوقت إلى قيام السَّاعة. وقيل: { له ما بين أيدينا } : يعني:
الدُّنيا، { وما خلفنا } يعني: السَّموات، { وما بين ذلك } : الهواء: { وما كان
ربك نسياً } تاركاً لك منذ أبطأ عنك الوحي. وقوله:
{ هل تعلم له سمياً } هل تعلم أحداً يُسمَّى الله غيره؟
{ ويقول الإِنسان } يعني: أُبيَّ بن خلف { أإذا ما متُّ لسوف أخرج حياً } يقول
هذا استهزاءً وتكذيباً بالبعث، يقول: لسوف أخرج حيَّاً من قبري بعد ما متُّ!؟
{ أَوَلاَ يذكر } يتذكَّر ويتفكَّر هذا { الإنسان أنَّا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً } فيعلم
أنَّ مَنْ قدر على الابتداء قدر على الإِعادة، ثمَّ أقسم بنفسه أنَّه يبعثهم فقال:
{ فوربك لنحشرنَّهم } يعني: منكري البعث { والشياطين } قرناءهم الذين أضلُّوهم { ثمَّ لنحضرنَّهم حول جهنم جثياً } جماعات، جمع: جُثوة.
{ ثمَّ لننزعنَّ } لنخرجنَّ { من كلِّ شيعة } أُمَّةٍ وفرقةٍ { أيُّهم أشدُّ على الرحمن عتياً }
الأعتى فالأعتى منهم، وذلك أنَّه يبدأ في التعذيب بأشدهم عتيَّا، ثمَّ الذي يليه.