خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلْحَجِّ وَلَيْسَ ٱلْبِرُّ بِأَن تَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰ وَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
١٨٩
وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ
١٩٠
وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَٱلْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَٱقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ
١٩١
فَإِنِ ٱنتَهَوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٩٢
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ للَّهِ فَإِنِ ٱنْتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ
١٩٣
ٱلشَّهْرُ ٱلْحَرَامُ بِٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ
١٩٤
وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ
١٩٥
-البقرة

{ يسألونك عن الأهلَّة } يسأل معاذ بن جبلٍ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن زيادة القمر ونقصانه، فأنزل الله تعالى: { يسألونك عن الأهلة } وهي جمع هلال { قل هي مواقيت للناس والحج } أخبر الله عنه أنَّ الحكمة في زيادته ونقصانه زوال الالتباس عن أوقات النَّاس في حجِّهم ومَحِلِّ دُيونِهم، وعِدَدِ نسائهم، وأجور أُجرائهم، ومُدَد حواملهم، وغير ذلك { وليس البرُّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها } كان الرَّجل في الجاهليَّة إذا أحرم نقب من بيته نقباً من مؤخره يدخل فيه ويخرج، فأمرهم الله بترك سنَّة الجاهليَّة، وأعلمهم أنَّ ذلك ليس ببرٍّ { ولكن البرَّ } برُّ { من اتقى } مخالفةَ الله { وأتوا البيوت من أبوابها... } الآية.
{ وقاتلوا في سبيل الله... } الآية. نزلت هذه الآية في صلح الحديبية، وذلك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا انصرف من الحديبية إلى المدينة المنورة حين صدَّه المشركون عن البيت، صالحهم على أن يرجع عامة القابل ويُخَلُّوا له مكَّة ثلاثة أيَّام، فلمَّا كان العام القابل تجهزَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرة القضاء، وخافوا أن لا تفي لهم قريشٌ وأن يصدُّوهم عن البيت ويقاتلوهم، وكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتالهم في الشَّهر الحرام في الحرم، فأنزل الله تعالى: { وقاتلوا في سبيل الله } أَيْ: في دين الله وطاعته { الذين يقاتلونكم } يعني: قريشاً { ولا تعتدوا } ولا تظلموا فتبدؤوا في الحرم بالقتال.
{ واقتلوهم حيث ثقفتموهم } وجدتموهم وأخذتموهم { وأخرجوهم من حيث أخرجوكم } يعني: من مكَّة { والفتنة أشدّ من القتل } يعني: وشركُهم بالله تعالى أعظمُ من قتلكم إيَّاهم في الحرم { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه } نُهوا عن ابتدائهم بقتلٍ أو قتالٍ حتى يبتدىء المشركون { فإن قاتلوكم فاقتلوهم } أَيْ: إن ابتدؤوا بقتالكم عند المسجد الحرام فلكم القتال على سبيل المكافأة، ثم بيَّن أنهم إن انتهوا، أَيْ: كفُّوا عن الشِّرك والكفر والقتال وأسلموا { فإنَّ الله غفور رحيم } أَيْ: يغفر لهم كفرهم وقتالهم من قبل، وهو منعمٌ عليهم بقبول توبتهم وإيمانهم بعد كفرهم وقتالهم.
{ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } أَيْ: شركٌ. يعني: قاتلوهم حتى يُسلموا، وليس يُقبل من المشرك الوثنيِّ جزيةٌ { ويكون الدين } أَيْ: الطَّاعة والعبادة { لله } وحده فلا يُعبد دونه شيءٌ { فإن انتهوا } عن الكفر { فلا عدوان } أَيْ: فلا قتل ولا نهب { إلاَّ على الظالمين } والكافرين.
{ الشهر الحرام بالشهر الحرام } أَيْ: إن قاتلوكم في الشَّهر الحرام فقاتلوهم في مثله { والحرمات قصاص } أَي: إن انتهكوا لكم حرمةً فانتهكوا منهم مثل ذلك، أَعلمَ الله سبحانه أنَّه لا يكون للمسلمين أنْ ينتهكوها على سبيل الابتداء، ولكن على سبيل القصاص، وهو معنى قوله: { فمن اعتدى عليكم... } الآية. { وأنفقوا في سبيل الله } في طاعة الله تعالى من الجهاد وغيره { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } ولا تُمسكوا عن الإِنفاق في الجهاد { وأحسنوا } أَيْ: الظنَّ بالله تعالى في الثَّواب والإِخلاف عليكم.