{ كان الناس } على عهد إبراهيم عليه السَّلام { أمة واحدة } كفاراً كلَّهم { فبعث الله
النبيين } إبراهيم وغيره { وأنزل معهم الكتاب } والكتابُ اسم الجنس { بالحق }
بالعدل والصِّدق { ليحكم بين الناس } أَيْ: الكتابُ { فيما اختلفوا فيه وما اختلف
فيه إلاَّ الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً } أَيْ: وما اختلفَ في أمر
محمَّدٍ بعد وضوح الدّلالات لهم بغياً وحسداً إلاَّ اليهودُ الذين أوتوا الكتاب؛ لأنَّ
المشركين - وإن اختلفوا في أمر محمَّد عليه السَّلام - فإنَّهم لم يفعلوا ذلك للبغي،
والحسد، ولم تأتهم البيِّنات في شأن محمَّد عليه السَّلام، كما أتت اليهود،
فاليهود مخصوصون من هذا الوجه { فهدى الله الذين آمنوا } { لـ } معرفة { ما
اختلفوا فيه من الحق بإذنه } بعلمه وإرادته فيهم.
{ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة... } الآية. نزلت في فقراء المهاجرين حين اشتدَّ
الضُّرُّ عليهم؛ لأنَّهم خرجوا بلا مالٍ، فقال الله لهم [أَيْ لهؤلاء المهاجرين]: أم
حسبتم أن تدخلوا الجنَّة من غير بلاءٍ ولا مكروهٍ { ولما يأتكم } أَيْ: ولم يأتكم
{ مثل الذين خلوا } أَيْ: مثل محنة الذين مضوا { من قبلكم } أَيْ: ولم يُصبكم
مثل الذي أصابهم، فتصبروا كما صبروا { مَسَّتْهُم البأساء } الشدَّة { والضرَّاء }
المرض والجوع { وزلزلوا } أَيْ: حُرِّكوا بأنواع البلاء { حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله } أَيْ: حين استبطؤوا النَّصر، فقال الله: { ألا إنَّ نصر الله
قريب } أَيْ: أنا ناصر أوليائي لا محالة.
{ يسألونك ماذا ينفقون } نزلت في عمرو بن الجموح، وكان شيخاً كبيراً وعنده
مالٌ عظيمٌ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماذا ننفق من أموالنا؟ وأين نضعُها؟ فنزلت هذه
الآية. قال كثيرٌ من المفسرين: هذا كان قبل فرض الزكاة، فلمَّا فُرضت الزَّكاة
نسخت الزَّكاة هذه الآية.