خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٢٥٩
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ ٱلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ ٱجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ٱدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَٱعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
٢٦٠
-البقرة

{ أو كالذي مرَّ على قرية } [عطفٌ على المعنى لا على اللفظ، كأنه قال: أرأيت الذي حاجَّ، أو كالذي مرَّ] وهو عزيرٌ { على قرية } وهي إيليا { وهي خاوية } ساقطةٌ مُتهدِّمةٌ { على عروشها } أي: سقوفها { قال: أنى يحيي هذه الله } أَيْ: من أين يُحيي هذه الله { بعد موتها } يعمرها بعد خرابها؟! استبعد أَنْ يفعل الله ذلك، فأحبَّ الله أن يُريه آيةً في نفسه في إحياء القرية { فأماته الله مائة عام } وذلك أنه مرَّ بهذه القرية على حمارٍ ومعه ركوة عصيرٍ، وسلةُ تينٍ، فربط حماره، وألقى الله عزَّ وجلَّ عليه النَّوم، فلمَّا نام نزع الله عزَّ وجلَّ روحه مائة سنةٍ، فلمَّا مضت مائة سنةٍ أحياه الله تعالى، وذلك قوله: { ثمَّ بعثه } { قال كم لبثت } كم أقمت ومكثت ها هنا؟ { قال: لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك } أَي: التِّين { و } إلى { شرابك } أي: العصير { لم يتسنَّه } أَيْ: لم يتغيَّر ولم ينتن بعد مائة سنةٍ، وأراه علامة مكثه مائة سنةٍ. ببلى عظام حماره، فقال: { وانظر إلى حمارك } فرأى حماره ميتاً، عظامه بيضٌ تلوح { ولنجعلك آية للناس } الواو زائدة، والمعنى: لبثتَ مائة عامٍ لنجعلك آيةً للنَّاس، وكونه آيةً أَنْ بعثه شابّاً أسود الرَّأس واللِّحية، وبنو بنيه شِيبٌ { وانظر إلى العظام } أَيْ: عظام حماره { كيف نُنْشِزُها } أَيْ: نحييها، يقال: أَنشرَ اللَّهُ الموتى، وقرىء: { ننشزها } أَيْ: نرفعها من الأرض، ونشوز كلِّ شيءٍ: ارتفاعه { ثم نكسوها لحماً فلما تبيَّن له } شاهدَ ذلك { قال: أعلم أنَّ الله على كلِّ شيء قدير } أَيْ: أعلم العلم الذي لا يعترض عليه الإِشكال، وتأويله: إنِّي قد علمت مُشاهدةً ما كنت أعلمه غيباً. { وإذ قال إبراهيم ربِّ أرني كيف تحيي الموتى } وذلك أنَّه رأى جيفةً ساحل البحر يتناولها سباع الطير والوحش ودوابُّ البحر، ففكَّر كيف يجتمع ما قد تفرَّق منها، وأحبَّ أن يرى ذلك، فسأل الله تعالى أن يُريه إحياء الموتى، فقال الله تعالى: { أو لم تؤمن } ألست آمنت بذلك؟ { قال بلى ولكن ليطمئن قلبي } بالمُعاينة بعد الإِيمان بالغيب { قال: فخذ أربعة من الطير } طاوُساً ونسراً وغراباً وديكاً { فصرهنَّ إليك } أَيْ: قطِّعهنَّ، كأنَّه قال: خذ إليك أربعة من الطَّير فقطعهنَّ { ثمَّ اجعل على كلِّ جبلٍ منهنَّ جزءاً } ثمَّ أُمر أن يخلط ريشها ولحومها، ثمَّ يفرِّق أجزاءها بأن يجعلها على أربعة أجبلٍ ففعل ذلك إبراهيم، وأمسك رؤوسهنَّ عنده، ثمَّ دعاهنَّ فقال: تعالين بإذن الله، فجعلت أجزاء الطُّيور يطير بعضها إلى بعض حتى تكاملت أجزاؤها، ثمَّ أقبلن على رؤوسهنّ فذلك قوله: { ثم ادعهنَّ يأتينك سعياً واعلم أنّ الله عزيز } لا يمتنع عليه ما يريد { حكيم } فيما يدبِّر، فلمَّا ذكر الدَّلالة على توحيده بما أتى الرُّسل من البيِّنات حثٍّ على الجهاد والإِنفاق فيه.