{ أيودُّ أحدكم... } الآية، يقول: مثلُهم كمثل رجلٍ كانت له جنَّةٌ فيها من كلِّ
الثمرات { وأصابه الكبر } فضعف عن الكسب، وله أطفال لا يجدون عليه
ولا ينفعونه { فأصابها إعصار } وهي ريحٌ شديدةٌ { فيه نارٌ فاحترقت } ففقدها
أحوج ما كان إليها عند كبر السِّنِّ وكثرة العيال وطفولة الولد، فبقي هو وأولاده
عجزةً مُتحيِّرين { لا يقدرون على } حيلةٍ، كذلك يُبطل الله عمل المنافق والمرائي
حتى لا توبة لهما ولا إقالة من ذنوبهما { كذلك يبين الله } كمثل بيان هذه
الأقاصيص { يبين الله لكم الآيات } في أمر توحيده.
{ يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم } نزلت في قومٍ كانوا يتصدَّقون
بشرار ثمارهم ورذالة أموالهم، والمراد بالطَّيِّبات ها هنا الجياد الخيار ممَّا كسبتم،
أَيْ: التِّجارة { وممَّا أخرجنا لكم من الأرض } يعني: الحبوب التي يجب فيها
الزَّكاة { ولا تيمموا } أَيْ: لا تقصدوا { الخبيث منه تنفقون } أَيْ: تنفقونه { ولستم
بآخذيه إلاَّ أن تغمضوا } أَيْ: بآخذي ذلك الخبيث لو أُعطيتم في حقٍّ لكم إلاَّ
بالإِغماض والتَّساهل، وفي هذا بيانُ أنَّ الفقراء شركاء ربِّ المال، والشَّريك
لا يأخذ الرَّديء من الجيِّد إلاَّ بالتَّساهل.
{ الشيطانُ يعدكم الفقر } أَيْ: يُخوِّفكم به. يقول: أَمسك مالك؛ فإنَّك إنْ
تصدَّقت افتقرت { ويأمركم بالفحشاء } بالبخل ومنه الزَّكاة { والله يعدكم } أَنْ
يجازيكم على صدقتكم { مغفرة } لذنوبكم وأَنْ يُخلف عليكم.
{ يؤتي الحكمة } علم القرآن والفهم فيه. وقيل: هي النُّبوَّة { من يشاء }. { وما
يذكر إلاَّ أولوا الألباب } أَيْ: وما يتَّعظ إلاَّ ذوو العقول.