{فأخرج لهم عجلاً جسداً} لحماً ودماً {له خوار} صوت، فسجدوا له، وافتتنوا
به، وقالوا: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} فتركه ها هنا وخرج يطلبه. قال الله
تعالى احتجاجاً عليهم:
{أفلا يرون ألا يرجع} أنَّه لا يرجع {إليهم قولاً} لا يُكلِّمهم العجل ولا يجيبهم
{ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً}.
{ولقد قال لهم هارون من قبل} من قبل رجوع موسى: {يا قوم إنما فتنتم به}
ابتليتم بالعجل {وإنَّ ربكم الرحمن} لا العجل {فاتبعوني} على ديني {وأطيعوا
أمري}.
{قالوا لن نبرح عليه عاكفين} على عبادته مقيمين {حتى يرجع إلينا موسى} فلمَّا
رجع موسى.
{قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا} أخطأوا الطَّريق بعبادة العجل {ألاَّ تَتَّبِعَنِ} أن تتبعني وتلحق بي وتخبرني؟ {أفعصيت أمري} حيث أقمتَ فيما
بينهم وهم يعبدون غير الله!؟ ثمَّ أخذ شعر رأسه بيمينه ولحيته بشماله غضباً
وإنكاراً عليه، فقال:
{يَبنَؤُمَّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرَّقت بين بني
إسرائيل} خشيت إن فارقتهم واتَّبعتك أن يصيروا حزبين يقتل بعضهم بعضاً،
فتقول: أوقعتَ الفرقة فيما بينهم {ولم ترقب قولي} لم تحفظ وصيتي في حسن
الخلافة عليهم.