{ أو كظلمات } وهذا مثلٌ آخرُ ضربه الله لأعمال الكافر { في بحر لجيٍّ } وهو
البعيد القعر الكثير الماء { يغشاه } يعلوه { موجٌ } وهو ما ارتفع من الماء { من
فوقه موج } متراكمٌ بعضه على بعض { مِن } فوق الموج { سحاب } وهذه كلُّها
{ ظلمات بعضها فوق بعض } ظلمة السَّحاب، وظلمة الموج، وظلمة البحر. { إذا
أخرج } النَّاظر { يده } بين هذه الظُّلمات { لم يكد يراها } لم يرها لشدَّة الظُّلمة،
وأراد بالظُّلمات أعمال الكفار، وبالبحر اللُّجيِّ قلبه، وبالموج من فوق الموج
ما يغشى قلبه من الجهل والشَّكِّ والحيرة، وبالسَّحاب الرِّين والختم على قلبه، ثمَّ
قال: { ومَنْ لم يجعل الله له نوراً فما له من نور } أَيْ: مَنْ لم يهده الله للإِسلام
لم يهتد.
{ ألم تر أنَّ الله يسبح له } يصلّي له { من في السموات والأرض } المطيع يُسبِّح
له، والعاصي يذلُّ أيضاً بخلق الله تعالى إيَّاه على ما يشاء، على أنَّ الله بريءٌ من
السُّوء { والطير صافات } أجنحتهنَّ في الهواء تسبِّح الله. { كلٌّ قد علم صلاته }
وهي لبني آدم { وتسبيحه } وهو عامٌّ لغيرهم من الخلق.