{ وربك يخلق ما يشاء } كما يشاء { ويختار } ممَّا يشاء ما يشاء، فاختار من كلِّ
ما خلق شيئاً { ما كان لهم الخيرة } ليس لهم أن يختاروا على الله تعالى، وليس
لهم الاختيار، والمعنى: لا يرسل الرُّسل إليهم على اختيارهم، والباقي ظاهرٌ إلى
قوله:
{ ونزعنا من كلِّ أمة } أَيْ: أخرجنا { شهيداً } يعني: رسولهم الذي أُرسل إليهم
{ فقلنا هاتوا برهانكم } أَيْ: ما اعتقدتم به أنّه برهانٌ لكم في أنَّكم كنتم على الحقِّ
{ فعلموا أنَّ الحق لله } أنَّ الحقَّ ما دعا إليه الله سبحانه، وأتاهم به الرَّسول صلى الله عليه وسلم
{ وضلَّ عنهم ما كانوا يفترون } لم ينتفعوا بما عبدوه من دون الله سبحانه.
{ إنَّ قارون كان من قوم موسى } كان ابن عمِّه. { فبغى عليهم } بالكبر والتجبُّر
والبذخ وكثرة المال { وآتيناه من الكنوز ما إنَّ مفاتحه } جمع المفتح، وهو ما يُفتح
به { لتنوء بالعصبة } تُثقل الجماعة { أولي القوة } { إذ قال له قومه لا تفرح }
بكثرة المال ولا تأشر { إنَّ الله لا يحبُّ الفرحين } الأشرين البطرين.
{ وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة } أَيْ: اطلبها بإنفاق مالك في رضا الله تعالى
{ ولا تنس نصيبك من الدنيا } لا تترك أن تعمل في دنياك لآخرتك { وأحسن } إلى
الناس { كما أحسن الله إليك ولا تبغِ الفساد في الأرض } العمل بالمعاصي.
{ قال إنما أوتيته على علمٍ عندي } على فضل علمٍ عندي، وكنت بذلك العلم
مُسحقَّاً لفضل المال، وكان أقرأ بني إسرائيل للتَّوراة. قال الله تعالى:
{ أو لم يعلم أنَّ الله قد أهلك من قبله من القرون مَنْ هو أشدُّ منه قوة وأكثر
جمعاً } للمال منه { ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون } لأنَّهم يدخلون النَّار بغير
حسابٍ.