{ يا أهل الكتاب لمَ تحاجون في إبراهيم } نزلت لمَّا تنازعت اليهود والنَّصارى
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبراهيم عليه السَّلام، فقالت اليهود: ما كان إبراهيم إلاَّ
يهوديَّاً، وقالت النَّصارى: ما كان إلاَّ نصرانيَّاً، وقوله: { وما أنزلت التوراة
والإِنجيل إلاَّ من بعده } أَيْ: إِنَّ اليهوديَّة والنَّصرانيَّة حدثتا بعد نزول الكتابين،
وإنَّما نزلا بعد موته بزمانٍ طويلٍ. { أفلا تعقلون } فساد هذه الدَّعوى.
{ ها أنتم } أَيْ: أنتم { هٰؤلاء } أًيْ: يا هؤلاء { حاججتم } جادلتم وخاصمتم
{ فيما لكم به علم } يعني: ما وجدوه في كتبهم وأُنزل عليهم بيانه وقصَّته { فلم
تحاجون فيما ليس لكم به علم } من شأن إبراهيم عليه السَّلام، وليس في كتابكم
أنَّه يهوديَّاً أو نصرانيَّاً { والله يعلمُ } شأن إبراهيم { وأنتم لا تعلمون } ثمَّ بيَّن
حاله فقال:
{ ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً... } الآية، ثمَّ جعل
المسلمين أحقَّ النَّاس به، فقال:
{ إنَّ أولى الناس بإبراهيم } أَيْ: أقربهم إليه وأحقَّهم به { للذين اتبعوه } على دينه
وملَّته { وهذا النبيُّ } محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم { والذين آمنوا } أَيْ: فهم الذين ينبغي أن
يقولوا: إنَّا على دين إبراهيم عليه السَّلام.