خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوۤاْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ أَن تَضَعُوۤاْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً
١٠٢
فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ إِنَّ ٱلصَّلَٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً مَّوْقُوتاً
١٠٣
وَلاَ تَهِنُواْ فِي ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
١٠٤
إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً
١٠٥
وَٱسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً
١٠٦
وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً
١٠٧
-النساء

{ وإذا كنت فيهم } أَيْ: إذا كنت أيُّها النبيُّ مع المؤمنين في غزواتهم وخوفهم { فأقمت لهم الصلاة } أَي: ابتدأت بها إماماً لهم { فلتقم طائفة منهم معك } نصفهم يصلُّون معك { وليأخذوا } أَيْ: وليأخذ الباقون أسلحتهم { فإذا سجدوا } فإذا سجدت الطَّائفة التي قامت معك { فليكونوا من ورائكم } أَي: الذين أمروا بأخذ السِّلاح { ولتأت طائفة أخرى } أَي: الذين كانوا من ورائهم يحرسونهم { لم يصلوا } [معك الركعة الأولى] { فليصلوا معك } [الركعة الثانية] { وليأخذوا حذرهم } [من عدوهم] { وأسلحتهم } [سلاحهم معهم]. يعني الذين صلَّوا أولَّ مرَّةٍ { ودّ الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم } في صلاتكم { فيميلون عليكم ميلة واحدة } بالقتال { ولا جناح عليكم إن كان بكم أذىً من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم } ترخيصٌ لهم في ترك حمل السِّلاح في الصَّلاة، وحملُه فرضٌ عند بعضهم، وسنة مؤكدة عند بعضهم، فرخص الله لهم في تركه لعذر المطر والمرض؛ لأنَّ السِّلاح يثقل على المريض، ويفسد في المطر { وخذوا حذركم } أَيْ: كونوا على حذرٍ في الصَّلاة كيلا يتغفَّلكم العدوُّ.
{ فإذا قضيتُمُ الصلاة } فرغتم من صلاة الخوف { فاذكروا الله } بتوحيده وشكره في جميع أحوالكم { فإذا اطمأننتم } رجعتم إلى أهلكم وأقمتم { فأقيموا الصلاة } أتمُّوهها { إنَّ الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً } مفروضاً موقَّتاً فرضه.
{ ولا تهنوا } أَيْ: لا تضعفوا { في ابتغاء القوم } يعني: أبا سفيان ومَنْ معه حين انصرفوا من أُحدٍ. أمر الله تعالى نبيَّه عليه السَّلام أن يسير في آثارهم بعد الوقعة بأيَّام، فاشتكى أصحابه ما بهم من الجراحات، فقال الله تعالى: { إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون } أَيْ: إنْ ألمتم من جراحكم فهم أيضاً في مثل حالتكم من ألم الجراح { وترجون من الله } من نصر الله إيَّاكم، وإظهار دينكم [في الدنيا]، وثوابه في العقبى { ما لا يرجون } هم { وكان الله عليماً } بخلقه { حكيماً } فيما حكم.
{ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق } هذه الآية وما بعدها نزلت في قصة طعمة بن أُبيرق؛ سرق درعاً، ثمَّ رمى بها يهودياً، فلما طُلبت منه الدِّرع أحال على اليهوديِّ، ورماه بالسَّرقة، فاجتمع قوم طعمة وقوم اليهوديِّ، وأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل قوم طعمة النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنْ يجادل عن صاحبهم، وأن يُبرِّيَه، وقالوا: إنك إنْ لم تفعل افتضح صاحبنا وبرىء اليهوديُّ، فهمَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يفعل، فنزل قوله تعالى: { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق } في الحكم لا بالتَّعدي فيه { لتحكم بين الناس بما أراك الله } أَيْ: فيما علَّمك الله { ولا تكن للخائنين } طعمة وقومه { خصيماً } مخاصماً عنهم.
{ واستغفر الله } من جدالك عن طعمة، وهمِّك بقطع اليهوديِّ.
{ ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم } يخونونها بالمعصية؛ لأنَّ وبال خيانتهم راجعٌ عليه. يعني: طعمة وقومه { إنَّ الله لا يحبُّ مَنْ كان خوَّاناً أثيماً } أَيْ: طعمة، لأنَّه خان في الدِّرع، وأَثِم في رميه اليهوديَّ.