خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً
٥٩
أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوۤاْ إِلَى ٱلطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوۤاْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً
٦٠
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ رَأَيْتَ ٱلْمُنَٰفِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً
٦١
فَكَيْفَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآءُوكَ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنْ أَرَدْنَآ إِلاَّ إِحْسَٰناً وَتَوْفِيقاً
٦٢
أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً
٦٣
وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً
٦٤
-النساء

{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } وهم العلماء والفقهاء. وقيل: الأمراء والسَّلاطين، وتجب طاعتهم فيما وافق الحقَّ. { فإن تنازعتم } اختلفتم وتجادلتم وقال كلُّ فريق: القولُ قولي: فَرُدُّوا الأمر في ذلك إلى كتاب الله وسنَّة رسوله { ذٰلك خيرٌ } أََيْ: ردُّكُمُ ما اختلفتم فيه إلى الكتاب والسنة، وردُّك التجادل { وأحسن تأويلاً } وأحمدُ عاقبةً.
{ ألم تر إلى الذين يزعمون... } الآية. وقع نزاعٌ بين يهوديِّ ومنافق، فقال اليهوديُّ: بيننا أبو القاسم، وقال المنافق: لا بل نُحكِّم بيننا كعب بن الأشرف، فنزلت هذه الآية. وهو قوله: { يريدون أنْ يتحاكموا إلى الطاغوت } ومعناه: ذو الطُّغيان { وقد أمروا أن يكفروا به } أَيْ: أُمروا أن لا يوالوا غير أهل دينهم { ويريد الشيطان أن يضلَّهم ضلالاً بعيداً } لا يرجعون عنه إلى دين الله أبداً، وهذا تعجيبٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم من جهل مَنْ يعدل عن حكم الله إلى حكم الطَّاغوت مع زعمه بأنَّه يؤمن بالله ورسوله.
{ وإذا قيل لهم } أَيْ: للمنافقين { تعالوا إلى ما أنزل الله } أَيْ: في القرآن من الحكم { وإلى الرسول } وإلى حكم الرَّسول { رأيت المنافقين يَصُدُّون عنك صدوداً } يُعرضون عنك إعراضاً إلى غيرك عداوةً للدِّين.
{ فكيف } أَيْ: فكيف يصنعون ويحتالون { إذا أصابتهم مصيبة } مجازاةً لهم على ما صنعوا، وهو قوله: { بما قدَّمت أيديهم } وتمَّ الكلام ههنا، ثمَّ عطف على معنى ما سبق فقال: { ثم جاؤوك يحلفون بالله } أَيْ: تحاكموا إلى الطَّاغوت، وصدُّوا عنك، ثمَّ جاؤوك يحلفون، وذلك أنَّ المنافقين أتوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وحلفوا أنَّهم ما أرادوا بالعدول عنه في المحاكمة إلاَّ توفيقاً بين الخصوم، أَيْ: جمعاً وتأليفاً، وإحساناً بالتَّقريب في الحكم دون الحمل على مُرِّ الحقِّ، وكلُّ ذلك كذبٌ منهم؛ لأنَّ الله تعالى قال:
{ أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم } أَيْ: من الشِّرك والنِّفاق { فأعرض عنهم } أيْ: اصفح عنهم { وعظهم } بلسانك { وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً } أَيْ: خوِّفهم بالله، وازجرهم عمَّا هم عليه بأبلغ الزَّجر كيلا يستسِرُّوا الكفر.
{ وما أرسلنا من رسولٍ إلاَّ ليطاع } فيما يأمرُ به ويحكم، لا ليُعصى ويُطلب الحكم من غيره، وقوله: { بإذن الله } أَيْ: لأنَّ الله أذن في ذلك، وأمر بطاعته { ولو أنهم } أَيْ: المنافقين { إذ ظلموا أنفسهم } بالتَّحاكم إلى الكفَّار { جاؤوك فاستغفروا الله } فزعوا وتابوا إلى الله.