{مَنْ كان يريد حرث الآخرة} من أراد بعمله الآخرة {نزد له في حرثه} أَيْ:
كسبه بالتَّضعيف بالواحدة عشراً. {ومَنْ كان يريد حرث الدنيا} بعمله الدُّنيا {نؤته
منها وماله في الآخرة من نصيب} أَيْ: مَنْ آثر دنياه على آخرته لم نجعل له نصيباً
في الآخرة.
{أم لهم} بل أَلهم {شركاء} آلهةٌ {شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا
كلمة الفصل} أَيْ: القَدَر السَّابق بأنَّ القضاء والجزاء يوم القيامة {لقضي بينهم}
في الدُّنيا.
{ترى الظالمين} المشركين يوم القيامة {مشفقين} خائفين {ممَّا كسبوا} أَيْ:
من جزائه {وهو واقع بهم} لا محالة، وقوله:
{قل لا أسألكم عليه أجراً} أَيْ: على تبليغ الرِّسالة {أجراً إلاَّ المودَّة في
القربى} أيْ: إلاَ أن تحفظوا قرابتي وتَوَدُّوني، وتصلوا رحمي، وذلك أنَّه لم يكن
حيٌّ من قريشٍ إلاَّ وللنبي صلى الله عليه وسلم فيهم قرابةٌ، فكأنًّه يقول: إذا لم تؤمنوا بي فاحفظوا
قرابتي ولا تُؤذوني. وقيل: معناه: إلاَّ أَنْ تتودَّدُوا إلى الله عزَّ وجلَّ بما يُقرِّبكم
منه، وقوله: {إلاَّ المودة} استثناءٌ ليس من الأوَّل. {ومن يقترف} يعمل {حسنة
نزدْ له فيها حسناً} نضاعفها له.
{أم يقولون} بل أيقولون، يعني: أهل مكَّة {افترى على الله كذباً} تقوَّل القرآن
من قبل نفسه {فإنْ يشأ اللَّهُ يختم على قلبك} يربط على قلبك بالصَّبر على أذاهم، ثمَّ ابتدأ فقال {وَيَمحُ الله الباطل} أَيْ: الشِّرك {ويحق الحق بكلماته}
بما أنزله من كتابه على لسان نبيِّه عليه السَّلام [وهو القرآن].
{وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} إذا رجع العبد عن معصية الله تعالى إلى طاعته
قَبِلَ ذلك الرُّجوع، وعفا عنه ما سلف، وهو قوله: {ويعفواْ عن السيئات}.
{ويستجيب الذين آمنوا} أَيْ: يُجيبهم إلى ما يسألون.
{ولو بسط الله الرزق لعباده} أَيْ: وسَّع عليهم الرِّزق {لبغوا في الأرض} لطغوا
وعصوا {ولكن ينزِّل بقدر ما يشاء} فيجعل واحداً فقيراً، وآخر غنيَّاً {إنَّه بعباده
خبيرٌ بصير}.
{وهو الذي ينزل الغيث} المطر {من بعد ما قنطوا} من بعدِ يأسِ العباد من نزوله
{وينشر رحمته} ويبسط مطره.