ثمَّ توعَّدهم فقال: { أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمَّر الله عليهم
وللكافرين أمثالها } أَيْ: أمثال تلك العاقبة التي كانت لمَنْ قبلهم.
{ ذلك } أَيْ: ذلك النَّصر للمؤمنين والهلاك للكافرين { بأنَّ الله مولى الذين آمنوا }
وليُّهم وناصرهم { وأن الكافرين لا مولى لهم } لا وليَّ لهم ينصرهم من الله.
{ والذين كفروا يتمتعون } في الدُّنيا { ويأكلون كما تأكل الأنعام } ليس لهم همَّةٌ
إلاَّ بطونهم وفروجهم، ثمَّ يصيرون إلى النَّار.
{ وكأين من قرية هي أشدُّ قوة من قريتك التي أخرجتك } يعني: مكَّة، أخرجك
أهلها { أهلكناهم } بتكذيبهم الرُّسل { فلا ناصر لهم }.
{ أفمن كان على بينة من ربه } وهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنون { كمَنْ زين له سوء عمله
واتبعوا أهواءهم } وهم أبو جهل والكفَّار.
{ مثل } صفة { الجنَّة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماءٍ غير آسن } غير متغيِّرِ
الرَّائحة { وأنهار من خمر لذة للشاربين } لذيذة.
{ ومنهم مَنْ يستمع إليك } يعني: المنافقين { حتى إذا خرجوا من عندك } كانوا
يستمعون خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا خرجوا سألوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاءً
وإعلاماً أنَّهم لم يلتفتوا إلى ما قال، يقولون: { ماذا قال آنفاً } أَيْ: الآن. وقوله:
{ وآتاهم تقواهم } أَيْ: ثواب تقواهم، ويجوز أن يكون المعنى: وألهمهم تقواهم
ووفَّقهم لها.