خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
٢٥
إِذْ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَىٰ وَكَانُوۤاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً
٢٦
لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءْيَا بِٱلْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً
٢٧
هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً
٢٨
-الفتح

{ هم الذين كفروا } يعني: أهل مكَّة { وصدوكم عن المسجد الحرام } منعوكم من زيارة البيت { والهدي } ومنعوا الهدي { معكوفاً } محبوساً { أن يبلغ محله } منحره، وكانت سبعين بدنةً. { ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات } بمكَّة { لم تعلموهم أن تطؤوهم } أَيْ: لولا أن تطؤوهم في القتال؛ لأنَّكم لم تعلموهم مؤمنين، وهو وقوله: { بغير علم } { فتصيبكم منهم معرَّة } [كفَّارةٌ و] عارٌ وعيبٌ من الكافرين. يقولون: قتلوا أهل دينهم { ليدخل الله في رحمته } دينه الإِسلام { مَنْ يشاء } من أهل مكَّة قبل أن يدخلوها { لو تزيلوا } تميَّز عنهم هؤلاء المؤمنون { لعذَّبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً } لأنزلنا بهم ما يكون عذاباً لهم أليماً بأيديكم.
{ إذْ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية } حين صدُّوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت { فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين } أَيْ: الوقار حين صالحوهم، ولم تأخذهم من الحمية ما أخذهم فيلجُّوا ويقاتلوا. { وألزمهم كلمة التقوى } توحيد الله والإيمان به وبرسوله: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وقيل: يعني: بسم الله الرحمن الرحيم، أبى المشركون أن يقبلوا هذا لمَّا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب كتاب الصُّلح بينهم، وقالوا: اكتب باسمك اللَّهم، فقال الله تعالى: { وكانوا أحقَّ بها وأهلها } أَيْ: المؤمنون؛ لأنَّ الله اختارهم للإيمان، وكانوا أحقَّ بكلمة التَّقوى من غيرهم.
{ لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق... } الآية. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في منامه قبل خروجه عام الحديبية كأنَّه وأصحابه يدخلون مكَّة مُحلِّقين ومُقصِّرين غير خائفين، فلمَّا خرج عام الحديبية كانوا قد وطنوا أنفسهم على دخول مكَّة لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا صدُّوا عن البيت راب بعضهم ذلك، فأخبر الله تعالى أنَّ تلك الرُّؤيا صادقةٌ، وأنَّهم يدخلونها إٍن شاء الله آمنين. وقوله: { فعلم ما لم تعلموا } علم الله تعالى أنًّ الصَّلاح كان في ذاك الصُّلح، ولم تعلموا ذلك. { فجعل من دون ذلك } أَيْ: من دون دخولكم المسجد { فتحاً قريباً } وهو صلح الحديبية، ولم يكن فتحٌ في الإسلام كان أعظم من ذلك؛ لأنَّه دخل في الإسلام في تلك السِّنين مثل من كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر، وقيل: يعني: فتح خيبر.
{ هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله } ليجعل دين الحقِّ ظاهراً على سائر الأديان عالياً عليها { وكفى بالله شهيداً } أنَّك مرسلٌ بالحقِّ، ثمَّ حقَّق الله تلك الشَّهادة وبيَّنها.