{ واعلموا أنَّ فيكم رسول الله } فلا تقولوا الباطل؛ فإنَّ الله يخبره { لو يطيعكم في
كثير من الأمر } لو أطاع مثل هذا المخبر الذي أخبره بما لا أصل له { لعنتم }
لأثمتم ولهلكتم { ولكنَّ الله حبب إليكم الإيمان } فأنتم تطيعون الله ورسوله، فلا
تقعون في العنت، يعني بهذا: المؤمنين المخلصين، ثمَّ أثنى عليهم فقال:
{ أولئك هم الراشدون }.
{ فضلاً من الله } أَيْ: الفضل من الله عليهم.
{ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } نزلت في جمعين من الأنصار كان بينهما قتالٌ
بالأيدي والنِّعال { فأصلحوا بينهما } بالدُّعاءِ إلى حكم كتاب الله. فإن بغت
إحداهما على الأخرى [أَيْ: تعدَّت إحداهما على الأخرى] وعدلت عن الحقِّ
{ فقاتلوا } الباغية حتى ترجع إلى أمر الله في كتابه. { فإن فاءت } رجعت إلى
الحقِّ { فأصلحوا بينهما } بحملهما على الإِنصاف { وأقسطوا } وأعدلوا { إنَّ الله
يحب المقسطين }.
{ إنما المؤمنون أخوة } في الدين والولاية { فأصلحوا بين أخويكم } إذا اختلفا
واقتتلا { واتقوا الله } في إصلاح ذات البين { لعلكم ترحمون } كي ترحموا به.
{ يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم... } الآية. نهى الله تعالى المؤمنين
والمؤمنات أن يسخر بعضهم من بعض { عسى أن يكونوا } أَيْ: المسخور منه
{ خيراً منهم } من السَّاخر، ومعنى السُّخرية ها هنا الازدراء والاحتقار. { ولا
تلمزوا أنفسكم } لا يعب بعضكم بعضاً { ولا تنابزوا بالألقاب } وهو أن يُدعى
الرَّجل بلقبٍ يكرهه، نهى الله تعالى عن ذلك. { بئس الاسم الفسوق بعد
الإِيمان } يعني: إنَّ السُّخرية واللَّمز والتَّنابز فسوقٌ بالمؤمنين، وبئس ذلك بعد
الإِيمان.