{ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل} على أن يعملوا بما في التَّوراة {وبعثنا}
وأقمنا بذلك {منهم اثني عشر نقيباً} كفيلاً وضميناً ضمنوا عن قومهم الوفاء
بالعهد {وقال الله} لهم: {إني معكم} بالعون والنُّصرة {لئن أقمتم الصلاة وآتيتم
الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم} أَيْ: وقَّرتموهم {وأقرضتم الله قرضاً حسناً}
يريد: الصَّدقات للفقراء والمساكين {فمن كفر بعد ذلك} أَيْ: بعد هذا العهد
والميثاق {فقد ضلَّ سواء السبيل} أخطأ قصد الطَّريق.
{فبما نقضهم} فبنقضهم {ميثاقهم} وهو أنَّهم كذَّبوا الرُّسل بعد موسى فقتلوا
الأنبياء، وضيَّعوا كتاب الله {لعنَّاهم} أخرجناهم من رحمتنا {وجعلنا قلوبهم
قاسية} يابسة عن الإِيمان {يحرفون الكلم} يغيِّرون كلام الله {عن مواضعه} من
صفة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم في كتابهم وآية الرَّجم {ونسوا حظاً مما ذكروا به} وتركوا نصيباً
ممَّا أمروا به في كتابهم من اتِّبَاع محمَّدٍ {ولا تزال} يا محمد {تطلع على خائنة}
خيانة {منهم} مثل ما خانوك حين همُّوا بقتلك {إلاَّ قليلاً منهم} يعني: مَنْ أسلم
{فاعفُ عنهم واصفح} منسوخٌ بآية السَّيف {إنَّ الله يحب المحسنين}
المتجاوزين.
{ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم} كما أخذنا ميثاق اليهود {فنسوا حظاً
ممَّا ذكروا به} فتركوا ما أُمروا به من الإِيمان بمحمَّد صلى الله عليه وسلم {فأغرينا بينهم} فألقينا
بين اليهود والنصارى {العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما
كانوا يصنعون} وعيدٌ لهم، ثمَّ دعاهم إلى الإِيمان بمحمَّدٍ عليه السَّلام.