{ يا قوم ادخلوا الأرض المقدَّسة } المطهَّرة. يعني: الشَّام، وذلك أنَّها طُهِّرت من
الشِّرك، وجُعلت مسكناً للأنبياء { التي كتب الله لكم } أمركم الله بدخولها { ولا
ترتدوا على أدباركم } لا ترجعوا إلى دينكم الشِّركِ بالله.
{ قالوا يا موسى إنَّ فيها قوماً جبارين } طوالاً ذوي قوَّة، وكانوا من بقايا عادٍ يقال
لهم العمالقة.
{ قال رجلان } هما يوشع بن نون، وكالب بن يوفنا { من الذين يخافون } اللَّهَ في
مخالفة أمره { أنعم الله عليهما } بالفضل واليقين { ادخلوا عليهم الباب... }
الآية، وإنَّما قالا ذلك تيقُّناً بنصر الله، وإنجاز وعده لنبيِّه، فخالفوا نبيَّهم وعصوا
أمر الله، وأتوا من القول بما فسقوا به، وهو قوله:
{ قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا
قاعدون } فقال موسى عند ذلك:
{ لا أملك إلاَّ نفسي وأخي } يقول: لم يُطعني منهم إلاَّ نفسي وأخي { فافرق بيننا
وبين القوم الفاسقين } فاقض بيننا وبين القوم العاصين، فحرَّم الله على الذين
عصوا دخول القرية، وحبسهم في التِّيه أربعين سنةً حتى ماتوا، ولم يدخلها أحدٌ
من هؤلاء، وإنَّما دخلها أولادهم، وهو قوله:
{ فإنها محرَّمة عليهم... } الآية. وقوله: { يتيهون في الأرض } يتحيَّرون فلا
يهتدون للخروج منها { فلا تأس على القوم الفاسقين } لا تحزن على عذابهم.