خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ ءَايَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوكَ يُجَٰدِلُونَكَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
٢٥
وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
٢٦
وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٢٧
بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
٢٨
وَقَالُوۤاْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ
٢٩
وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ
٣٠
قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يٰحَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ
٣١
وَمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٣٢
-الأنعام

{ ومنهم } ومن الكفَّار { من يستمع إليك } إذا قرأت القرآن { وجعلنا على قلوبهم أكنَّة } أغطيةً { أن يفقهوهُ } لئلا يفهموه، ولا يعلموا الحقَّ { وفي آذانهم وقراً } ثِقلاً وصمماً، فلا يعون منه شيئاً، ولا ينتفعون به { وإن يروا كلَّ آية } علامةٍ تدلُّ على صدقك { لا يؤمنوا بها } هذا حالهم في البعد عن الإِيمان { حتى إذا جاؤوك يجادلونك } [مخاصمين معك في الدِّين] { يقول الذين كفروا } مَنْ كفر منهم: { إن هذا } ما هذا { إلاَّ أساطير الأوَّلين } أحاديث الأمم المتقدمة التي كانوا يسطرونها في كتبهم.
{ وهم ينهون } النَّاس عن اتَّباع محمد { وينأون } ويتباعدون { عنه } فلا يؤمنون به { وإنْ } وما { يهلكون إلاَّ أنفسهم } بتماديهم في معصية الله تعالى { وما يشعرون } وما يعلمون ذلك.
{ ولو ترى } يا محمد { إذ وقفوا على النار } أَيْ: حُبسوا على الصِّراط فوق النَّار، { فقالوا يا ليتنا نرد } تمنَّوا أن يردُّوا إلى الدُّنيا فيؤمنوا، وهو قوله: { ولا نكذب } أَيْ: ونحن لا نكذِّب { بآيات ربنا } بعد المعاينة { ونكون من المؤمنين } ضمنوا أنْ لا يُكذِّبوا ويؤمنوا، فقال الله تعالى:
{ بل } ليس الأمر على ما تمنَّوا في الردِّ { بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل } وهو أنَّهم أنكروا شركهم، فأنطق الله سبحانه جوارحهم حتى شهدت عليهم بالكفر، والمعنى: ظهرت فضيحتهم في الآخرة، وتهتكت أستارهم { ولو ردوا لعادوا لما نهوا } إلى ما نُهوا { عنه } من الشِّرك، للقضاء السَّابق فيهم بذلك، وأنَّهم خلقوا للشَّقاوة { وإنهم لكاذبون } في قولهم: { ولا نكذِّب بآيات ربنا }.
{ وقالوا } يعني: الكفار: { إن هي إلاَّ حياتنا الدنيا... } الآية. أنكروا البعث.
{ ولو ترى إذ وقفوا على ربهم } عرفوا ربَّهم ضرورة. وقيل: وقفوا على مسألة ربِّهم وتوبيخه إيَّاهم، ويؤكِّد هذا قوله: { أليس هذا بالحق } أَيْ: هذا البعث، فيقرُّون حين لا ينفعهم ذلك، ويقولون: { بلى وربنا } فيقول الله تعالى: { فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } بكفركم.
{ قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله } بالبعث والمصير إلى الله { حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة } فجأة { قالوا يا حسرتنا على ما فرَّطنا فيها } قصَّرنا وضيَّعنا عمل الآخرة في الدُّنيا { وهم يحملون أوزارهم } أثقالهم وآثامهم { على ظهورهم } وذلك أنَّ الكافر إذا خرج من قبره استقبله عمله أقبح شيءٍ صورةً، وأخبثه ريحاً، فيقول: أنا عملك السَّيِّىء طال ما ركبتني في الدُّنيا، فأنا أركبك اليوم. { ألا ساء ما يزرون } بئس الحمل ما حملوا.
{ وما الحياة الدنيا إلاَّ لعبٌ ولهو } لأنَّها تفنى وتنقضي كاللَّهو واللَّعب، تكون لذَّةً فانيةً عن قريبٍ { وللدار الآخرة } الجنَّة { خير للذين يتقون } الشِّرك { أفلا تعقلون } أنَّها كذلك، فلا تَفْتُروا في العمل لها، ثمَّ عزَّى نبيَّه صلى الله عليه وسلم على تكذيب قريش إيَّاه.