{وكلاً} أَيْ: من المذكورين ها هنا {فضلنا على العالمين} عالمي زمانهم.
{ومن آبائهم} أَيْ: وهدينا بعض آبائهم {وذرياتهم وإخوانهم} فـ "مِنْ" ها هنا
للتَّبعيض.
{ذلك هدى الله} دين الله الذي هم عليه {يهدي به مَنْ يشاء} يريد: يرشد إليه
مَنْ يشاء {من عباده ولو أشركوا} عبدوا غيري {لحبط} بطل عملهم.
{أولئك الذين آتيناهم الكتاب} يعني: الكتب التي أنزلها عليهم {والحكم} العلم
والفقه {فإن يكفر بها} أي: بآياتنا {هؤلاء} أهل مكَّة {فقد وكلنا بها} أَيْ:
أرصدنا لها {قوماً} وفَّقناهم لها، وهم المهاجرون والأنصار.
{أولئك الذين هدى الله} يعني: النَّبيِّين الذين تقدَّم ذكرهم {فبهداهم اقتده} أَي:
اصبر كما صبروا؛ فإنَّ قومهم كذَّبوهم فصبروا {قل لا أسألكم عليه} على القرآن
وتبليغ الرِّسالة {أجراً} مالاً تعطونيه {إن هو} يعني: القرآن {إلاَّ ذكرى
للعالمين} موعظة للخلق أجمعين.
{وما قدروا الله حق قدره} ما عظَّموا الله حقَّ عظمته، وما وصفوه حقَّ صفته {إذ
قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء} وذلك أنَّ اليهود أنكروا إنزال الله عزَّ وجلَّ
من السَّماء كتاباً إنكاراً للقرآن {قل} لهم يا محمد: {مَنْ أنزل الكتاب الذي جاء
به موسى} يعني: التَّوراة {تجعلونه قراطيس} مكتوبة وتودعونه إيَّاها {تبدونها}
يعني: القراطيس يبدون ما يحبُّون، ويكتمون صفة محمَّد صلى الله عليه وسلم {وعُلِّمتم
ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم} في التَّوراة، فضيَّعتموه ولم تنتفعوا به {قل الله}
أي: الله أنزله {ثم ذرهم في خوضهم} إفكهم وحديثهم الباطل {يلعبون} يعملون
ما لا يُجدي عليهم.
{وهذا كتاب} يعني: القرآن {أنزلناه مبارك} كثيرٌ خيره، دائمٌ نفعه، يبشِّر
بالثواب، ويزجر عن القبيح، إلى ما لا يحصى من بركاته {مصدق الذي بين يديه}
موافقٌ لما قبله من الكتب {ولتنذر أم القرى} أَهل مكَّة {ومَنْ حولها} يعني:
أهل سائر الآفاق {والذين يؤمنون بالآخرة} إيماناً حقيقياً {يؤمنون به} بالقرآن.