{ قال ربِّ اغفر لي } ما صنعتُ إلى أخي { ولأخي } إن قصَّر في الإِنكار { وأدخلنا
في رحمتك } جنَّتك.
{ إنَّ الذين اتخذوا العجل } يعني: اليهند الذين كانوا في عصر النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهم
أبناء الذين اتَّخذوا العجل إلهاً، فأضيف إليهم تعييراً لهم بفعل آبائهم { سينالهم
غضب من ربهم } عذابٌ في الآخرة { وذلة في الحياة الدنيا } وهي الجزية
{ وكذلك نجزي المفترين } كذلك أعاقب مَن اتَّخذ إلهاً دوني.
{ والذين عملوا السيئات } الشِّرك { ثم تابوا } رجعوا عنها { وآمنوا } صدَّقوا أنَّه
لا إله غيري { إنَّ ربك من بعدها } من بعد التَّوبة { لغفور رحيم }.
{ ولما سكت } [سكن] { عن موسى الغضب أخذ الألواح } التي كان ألقاها
{ وفي نسختها } وفيما كُتب فيها: { هدىً } من الضَّلالة { ورحمة } من العذاب
{ للذين هم لربهم يرهبون } للخائفين من ربِّهم.
{ واختار موسى قومه } من قومه { سبعين رجلاً لميقاتنا } أمره الله تعالى أن يأتيه
في ناس من بي إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل، ووعده لذلك موعداً،
فاختار موسى سبعين رجلاً ليعتذروا، فلمَّا سمعوا كلام الله قالوا لموسى: أرنا الله
جهرةٌ فأخذتهم { الرَّجفة } وهي الحركة الشَّديدة، فماتوا جميعاً، فقال موسى:
{ رب لو شئت أهلكتهم } وإيَّاي قبل خروجنا للميقات، وكان بنو إسرائيل يُعاينون
ذلك ولا يتَّهمونني، ظنَّ أنَّهم أهلكوا باتِّخاذ أصحابهم العجل، فقال: { أتهلكنا
بما فعل السفهاء منا } وإنَّما أُهلكوا لمسألتهم الرُّؤية { إن هي إلاَّ فتنتك } أَيْ:
تلك الفتنة التي وقع فيها السُّفهاء لم تكن إلاَّ فتنتك، أي: اختبارك وابتلاؤك
أضللتَ بها قوماً فافتتنوا، وعصمتَ آخرين وهذا معنى قوله: { تضل بها مَنْ تشاء
وتهدي مَنْ تشاء }.
{ واكتب لنا } أوجب لنا { في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة } أَي: اقبل وفادتنا،
ورُدَّنا بالمغفرة والرَّحمة { إنا هُدْنا إليك } تبنا ورجعنا إليك بالتَّوبة { قال عذابي
أصيب به من أشاء } آخذ به مَنْ أشاء على الذَّنب اليسير { ورحمتي وسعت كلَّ شيء } يعني: إنَّ رحمته في الدُّنيا وسعت البرَّ والفاجر، وهي في الآخرة للمؤمنين
خاصَّةً، وهذا معنى قوله: { فسأكتبها } فسأوجبها في الآخرة { للذين يتقون }
يريد: أمَّة محمد صلى الله عليه وسلم { ويؤتون الزكاة } صدقات الأموال عند محلها { والذين هم
بآياتنا يؤمنون } يصدِّقون بما أنزل على محمد والنَّبييِّن.