{ إنَّ الذين آمنوا وهاجروا... } الآية. نزلت في الميراث كانوا في ابتداء الإسلام
يتوارثون بالهجرة والنُّصرة، فكان الرَّجل يُسلم ولا يهاجر، فلا يرث أخاه فذلك
قوله: { الذين آمنوا وهاجروا } هجروا قومهم وديارهم وأموالهم { والذين آووا
ونصروا } يعني: الأنصار، أسكنوا المهاجري ديارهم ونصروهم { أولئك بعضهم
أولياء بعض } أيْ: هؤلاء هم الذين يتوارثون بعضهم من بعض.
{ والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء } أَيْ: ليسوا بأولياء،
ولا يثبت التَّوارث بينكم وبينهم { حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين } يعني:
هؤلاء الذين لم يهاجروا فلا تخذولهم وانصروهم { إلاَّ } أن يستنصروكم { على
قوم بينكم وبينهم ميثاق } عهدٌ فلا تغدروا ولا تعاونوهم.
{ والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } أَيْ: لا توارث بينكم وبينهم، ولا ولاية،
والكافر وليُّ الكافر دون المسلم { إلاَّ تفعلوه } إلاَّ تعاونوا وتناصروا وتأخذوا في
الميراث بما أمرتكم به { تكن فتنة في الأرض } شركٌ { وفساد كبير } وذلك أنَّ
المسلم إذا هجر قريبه الكافر كان ذلك أدعى إلى الإسلام، فإن لم يهجره وتوارثه
بقي الكافر على كفره، وقوله:
{ والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم
المؤمنون حقاً } أَيْ: هم الذين حققوا إيمانهم بما يقتضيه من الهجرة والنُّصرة
خلاف من أقام بدار الشِّرك.
{ والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم } يعني: الذين هاجروا
بعد الحديبية، وهي الهجرة الثانية { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض } نَسخ الله
الميراثَ بالهجر والحِلْفِ بعد فتح مكَّة. ردَّ الله المواريث إلى ذوي الأرحام: ابن
الأخ والعمِّ وغيرهما { في كتاب الله } في حكم الله { إن الله بكل شيء عليم }.