{لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر} في القعود والتَّخلُّف عن الجهاد
كراهة {أن يجاهدوا} في سبيل الله {بأموالهم وأنفسهم} الآية.
{إنما يستأذنك} في التَّخلُّف {الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت
قلوبهم} شكُّوا في دينهم {فهم في ريبهم يترددون} في شكِّهم يتمادون.
{ولو أرادوا الخروج لأعدُّوا له عدَّة} من الزَّاد والمركوب، لأنَّهم كانوا مياسير
{ولكن كره الله انبعاثهم} لم يرد خروجهم معك {فثبطهم} فخذلهم وكسَّلهم
{وقيل اقعدوا} وحياً إلى قلوبهم. يعني: إنَّ الله ألهمهم أسباب الخذلان {مع
القاعدين} الزَّمنى وأولي الضَّرر، ثمَّ بّيَّنَ لِمَ كره خروجهم فقال:
{لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاَّ خبالاً} يقول: لو خرجوا لأفسدوا عليكم أمركم
{ولأوضعوا خلالكم} لأسرعوا بالنَّميمة في إفساد ذاتِ بينكم {يبغونكم الفتنة}
يُثبِّطونكم ويفرِّقون كلمتكم حتى تنازعوا فتفتتنوا {وفيكم سماعون لهم} مَنْ يسمع
كلامهم ويطيعهم، ولو صحبهم هؤلاء المنافقون أفسدوهم عليكم {والله عليم
بالظالمين} المنافقين.
{لقد ابتغوا الفتنة من قبل} طلبوا لك الشَّرَّ والعنتَ قبل تبوك، وهو أنَّ جماعةً
منهم أرادوا الفتك به ليلة العقبة {وقلَّبوا لك الأمور} اجتهدوا في الحيلة عليك،
والكيد بك {حتى جاء الحق} الآية. أَيْ: حتى أخزاهم الله بإظهار الحقِّ، وإعزاز
الدِّين على كُرهٍ منهم.