{ ولئن سَأَلْتَهُمْ } عمَّا كانوا فيه من الاستهزاء { ليقولنَّ إنما كنا نخوض ونلعب }
وذلك "أنَّ رجلاً من المنافقين قال في غزوة تبوك: ما رأيتُ مثل هؤلاء أرغبَ
بطوناً، ولا أكذبَ أَلْسُناً، ولا أجبنَ عند اللِّقاء. يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين،
فأُخبر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فجاء هذا القائل ليعتذر، فوجد القرآن قد سبقه
فقال: يا رسول الله، إنما كنَّا نخوض ونلعب، ونتحدَّث بحديث الرَّكب نقطع به
عنا الطريق، وهو معنى قوله: { إنَّما كنا نخوض } أَيْ: في الباطل من الكلام،
كما يخوض الرَّكب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: { أباللَّهِِ وآياته ورسوله كنتم
تستهزئون"
}.
{ لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } أَيْ: ظهر كفركم بعد إظهاركم الإِيمان { إنْ
نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة } وذلك أنَّهم كانوا ثلاثة نفر، فهزىء اثنان
وضحك واحد، وهو المغفوُّ عنه، فلمَّا نزلت هذه الآية برىء من النِّفاق.
{ المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض } على دين بعض { يأمرون بالمنكر }
بالكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم { وينهون عن المعروف } عن اتِّباعه { ويقبضون أيديهم } عن
النَّفقة في سبيل الله { نسوا الله فنسيهم } تركوا أمر الله، فتركهم من كلِّ خيرٍ
وخذلهم { إنَّ المنافقين هم الفاسقون } الخارجون عمَّا أمر الله.
{ وعد الله المنافقين... } الآية ظاهرة، ثمَّ خاطبهم.