خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآءُو فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢٢٦
وَإِنْ عَزَمُواْ ٱلطَّلاَقَ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
٢٢٧
-البقرة

النهر الماد

و { لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ } عام في الحر والعبد والسكران والسفيه والمولى عليه غير المجنون ومن لا يرجى منه وطىء. وفي الكلام تضمين وحذف أي يمتنعون بالإِيلاء من وطء نسائهم.
و { مِن نِّسَآئِهِمْ } عام في الزوجات حرة أو أمة أو كتابية أو صغيرة لم تبلغ مدخولاً بها وغير مدخول بها. ويولون لا يعين حلفاً بشيء مخصوص بل بكل يمين يمنع جماعاً سواء قيد الاقتناع بمكان أم أطلق.
{ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ } هذا من إضافة المصدر إلى ظرف زمان اتسع فيه. وابتداء أول الايلاء من وقت الحلف.
{ فَإِنْ فَآءُو } أي رجعوا للوطء. والظاهر أن الفيء يكون في الأشهر وبعد انقضائها ولم يأت في الآية أنه إذا فاء ووطىء لا كفارة عليه بل ظاهر قوله: "فإن" الله غفور رحيم. انه لا كفارة عليه.
{ وَإِنْ عَزَمُواْ ٱلطَّلاَقَ } أي على الطلاق أو ضمن عزم معنى نوى وعداه بنفسه أو التصميم على الطلاق. وجواب الشرط محذوف أي فليوقعوه. وهذا التقسيم الشرطي يدل على أنه لا تقع الفرقة بمعنى الأشهر من غير قول، بل لا بد من القول لأن العزم على الشيء ليس فعلاً للشيء. ويؤكده قوله:
{ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } جاء سميع باعتبار إيقاع الطلاق لأنه من المسموعات وهو جواب الشرط عليم باعتبار العزم على الطلاق لأنه من باب النيات وهو شرط ولا تدرك النيات إلا بالعلم. وتأخر هذا الوصف لمواخاة رؤوس الاى ولأن العلم أعم من السمع. وفي قوله: وان عزموا الطلاق، دلالة على مطلق الطلاق فلا يدل على خصوصية طلاق بكونه رجعياً أو بائناً. وقال الزمخشري: فإِن قلت ما تقوله في قوله: فإِن الله سميع عليم وعزمهم الطلاق مما يعلم ولا يسمع. قلت: الغالب أن العازم للطلاق وترك الفيئة والفرار لا يخلو من مقاولة وزمزمة ولا بد من أن يحدّث نفسه ويناجيها بذلك، وذلك حديث لا يسمعه إلا الله كما يسمع وسوسة الشيطان. "انتهى".
وقد قدمنا ان صفة السمع جاءت هنا لأن المعنى: وإن عزموا الطلاق أوقعوه أي الطلاق، والإِيقاع لا يكون إلا باللفظ فهو من باب المسموعات والصفة تتعلق بالجواب لا بالشرط فلا تحتاج إلى تأويل الزمخشري.