خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ
٧١
وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ
٧٢
وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ
٧٣
وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ
٧٤
لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ
٧٥
فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ
٧٦
أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ
٧٧
وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ
٧٨
قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ
٧٩
ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ
٨٠
أَوَلَـيْسَ ٱلَذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاواتِ وَٱلأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ
٨١
إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ
٨٢
فَسُبْحَانَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
٨٣
-يس

النهر الماد

{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا } لما كانت الأشياء المصنوعة لا يباشرها البشر إلا باليد عبر لهم بما يقرب من إفهامهم بقوله: مما عملته أيدينا أي مما تولينا عمله ولا يمكن لغيرنا أن يعمله فبقدرتنا وإرادتنا برزت هذه الأشياء لم يشركنا فيها أحد والباري سبحانه وتعالى منزه عن اليد التي هي الجارحة وعن كل ما اقتضى التشبيه بالمحدثات. ثم عنفهم واستجهلهم في اتخاذهم آلهة لطلب الاستنصار.
{ لاَ يَسْتَطِيعُونَ } أي الآلهة نصر فتخذيهم وهذا هو الظاهر كما اتخذوهم آلهة للاستنصار بهم رد تعالى عليهم بأنهم ليست لهم قدرة على نصرهم والظاهر أن الضمير في وهم عائد على ما هو الظاهر في لا يستطيعون أي والآلهة للكفار جند محضرون في الآخرة عن الحساب على جهة التوبيخ والنقمة وسماهم جنداً إذ هم معدون للنقمة من عابديهم وللتوبيخ ثم آنس نبيه عليه السلام بقوله:
{ فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ } أي لا يهمنك تكذيبهم واذاهم وجفاؤهم وتوعد الكفار بقوله:
{ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } فنجازيهم على ذلك.
{ أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَانُ } قبح تعالى إنكار الكفرة البعث حيث قرر أن عنصره الذي خلقه منه هو نطفة من ماء مهين خارج من مخرج النجاسة أفضى به مهانة أصله إلى أن تطور تطوراً وصار ذا تمييز ينكر قدرة الله تعالى ويقول من يحيي الميت بعدما رم مع علمه أنه منشأ من موات وقائل ذلك العاصي بن وائل وقيل غيره
"وقد كان لأبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مراجعات ومقامات جاء بالعظم الرميم بمكة ففتته في وجهه الكريم وقال من يحيي هذا يا محمد فقال عليه السلام الله يحييه ويميتك ويحييك ويدخلك جهنم ثم نزلت الآية وأبي هذا قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده الكريمة بالحربة فخرجت من عنقه فمات بها" .
{ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ نَاراً } ذكر ما هو أغرب من خلق الإِنسان من نطفة وهو إبراز الشىء من ضده وذلك أبدع شىء وهو انقداح النار من الشجر الأخضر ألا ترى أن الماء يطفىء النار ومع ذلك خرجت مما هو مشتمل على الماء والإِعراب توري النار من الشجر الأخضر وأكثرها من المرخ والعفار وفي أمثالهم في كل شجر نار واستحجر المرخ والعفار يقطع الرجل منها غصنين مثل السواكين وهما أخضران يقطر منهما الماء فيسحق المرخ وهو ذكر على العفار وهو أنثى فتنقدح النار بإِذن الله تعالى. وعن ابن عباس ليس شجر إلا وفيه نار إلا العناب ثم ذكر ما هو أبدع وأغرب من خلق الإِنسان من نطفة ومن إعادة الموتى وهو إنشاء هذه المخلوقات العظيمة الغريبة من صرف العدم إلى الوجود فقال:
{ أَوَلَـيْسَ ٱلَذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاواتِ وَٱلأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم } قال الزمخشري: مثلهم يحتمل معنيين أن يخلق مثلهم في الصغر والغماءة بالإِضافة إلى السماوات والأرض أو أن يعيدهم لأن المعاد مثل المبتدأ أو ليس به "انتهى" الذي نقوله ان المعاد هو عين المبتدأ أو لو كان مثله لم يسم ذلك إعادة بل يكون إنشاء مستأنفاً.
{ إِنَّمَآ أَمْرُهُ } تقدم الكلام عليه.
{ فَسُبْحَانَ } تنزيه عام له تعالى عن جميع النقائص والمعنى أنه متصرف فيه على ما أراد وقضى.
{ مَلَكُوتُ } ملك.
{ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي إلى جزائه ترجعون.