خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٢٦
-يونس

تيسير التفسير

{ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا } بالعمل والتقوى { الْحُسْنَى } بمعنى الجنة { وَزِيَادَةٌ } دوام رضاءِ الله عليهم، أَو غرفة من لؤلؤة واحدة لها أَربعة أَبواب، كما روى عن على وجابر بن زيد، أَو ما فى الدنيا لا يحاسبهم عليه كما حاسب الكفار، أَو المغفرة أَو الحسنى مقابل الحسنة والزيادة فصاعداً، فإِن الحسنة بعشر إِلى سبع مائة وأَكَثر، كقوله تعالى { { ولدينا مزيد } [ق: 35]، ويدل له أَنه قابله بقوله جزاءُ سيئَة بمثلها والحسنى تأْنيث الأَحسن كأَنه قيل الجنة الحسنة أَو المثوبة الحسنى، أَو الزيادة سحابة تمر وتقول يا أَهل الجنة ما تريدون أَن أَمطركم فكل ما شاءُوا أَمطرته { وَلاَ يَرْهَقُ وَجُوهَهُمْ } لا يغشاها أَو يقربها كقوله غلام مراهق أَى قارب البلوغ { قَتَرٌ } غبرة فيها سواد أَو دخان { وَلاَ ذِلَّةٌ } من الحزن وسوء الحال وما يظهر على الوجه، وذلك مجاز لعلاقة اللزوم والتسبب وهذا مدح فإِن نفى التسبب واللزوم فى السوءِ أَبلغ من نفى السوءِ وإِنما أَخر ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة عن قوله { للذين أَحسنوا الحسنى وزيادة } مع أَن التخلى قبل التحلى، ومع أَن دخول الجنة بعد النجاة من النار لأَن ذلك سيق مساق التذكير للنعمة التى فاتت العدو فإِن الرهق والذلة نعمة فاتت الأَعداءَ، وهم أَهل النار، فكأَنه قيل أَبشروا بالفوز والنجاة مما عليهم من الرهق والذل وخزى العدو، ولذة ومسرة لأَهل الجنة، وفى الآية دليل على خلود الفاسق فى النار، فلو كان يخرج لنافى هذه الآية لأَنه إِذا دخلها يرهق بالقتر ويذل، وكذلك إِذا قلنا المعنى لا يرهقهم ما يوجب ذلك من حزن وسوءِ حال وقولهم المراد فى الآية نفى الدوام حتى لا تنافى خروج الفاسق دعوى بلا دليل وجملة لا ترهق إِلخ عطفت على للذين أَحسنوا إِلخ عطف فعلية على اسمية ولا بأْس بذلك أَو عطف مصدرها على الحسنى على حذف أَن المصدرية ورفع الفعل كما فى قوله تعالى: { { ومن آياته يريكم البرق } [الروم: 24]، فى أَحد أَوجهه، أَى للذين أَحسنوا الحسنى وانتفاءُ رهق وجوههم قتراً وانتفاءُ ذلة ولا النافية من الجملة والمصدر من معناها مضاف للمصدر من رهق { أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } لا كالدنيا تخرج عن أَهلها ويخرجون عنها والعاقل يرغب فى الدائِم الخالص لا فى سريع الفناءِ المتكدر.