خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ
٥٨
-هود

تيسير التفسير

{ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنا } واحد الأُمور، وهو العذاب أَو ضد النهى أَى أَمرنا بالعذاب أَو مأْمورنا والأَول أَوفق بقوله من عذاب غليظ، ومجىءِ العذاب استعارة لحضوره أَو وقوعه فى الجملة أَو تنقله إِليهم، والمعنى على الثانى مجىءُ أَمر الملائِكة بالعذاب، أَو مجىءُ وقت الموعود فى الأَزل، وذلك العذاب هو بالريح شديدة الحرارة ترى فيها نار كما ورد فى الأَثر، وقيل باردة سخرها عليهم سبع ليال صبيحة الأَربعاءِ لثمان بقين من شوال، يدخل الريح من أَنف أَحدهم ويخرج من دبره فيرفعه فى الجو ويسقط على الأَرض متقطع الأَعضاءِ وتضربهم على وجوههم فيكونون كأَعجاز نخل منقعر، انبسطوا فى الأَرض بين عمان وحضرموت، وكانت لهم أَصنام يعبدونها: صدا وصمود والهبا، فبعث الله إِليهم هودا، وكان أَحسنهم جسماً ونسباً وكذبوه وطغوا على الناس، فأَمسك الله عنهم القطر ثلاث سنين حتى جهدوا وكان الناس إِذا نزل بهم البلاءُ توجهوا إِلى مكة مسلمهم وكافرهم، وطلبوا من الله الفرج فبعثوا من أَفاضلهم إلى مكة سبعين رجلا اسم رئيسهم قيل، فدخلوها فقال: اللهم اسق عادا ما كنت تسقيهم فأَنشأَ الله ثلاث سحابات حمراءَ وبيضاءَ وسوداءَ، فناداه ملك من المساءِ: يا قيل اختر لنفسك ولقومك: فقال: اخترت السوداءَ فإِنها أَكثر ماءً، فخرجت على عاد من وادى المغيث فاستبشروا وقالوا هذا عارض ممطرنا فجاءَتهم منها ريح عقيم فأَهلكتهم ونجا هو والذين آمنوا وهم أَربعة آلاف وما أَصابهم من الريح إِلا ما يلين أَجسادهم وذهبوا إِلى مكة يعبدون الله فيها إِلى أَن ماتوا { نَجَّيْنَا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ } أَربعة آلاف أَو ثلاثة آلاف { بِرَحْمَةٍ مِنَّا } أَى لم يموتوا كما مات هؤلاءِ، والباءُ متعلق بنجينا أَو بآمنوا { وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } العذاب بتلك الريح، أَو نجينا هودا إِلخ من عذابهم، ثم بين أَن عذابهم غليظ نجى هو ومن معه منه، ومن غلظه أَنه تدخل الريح من أُنوفهم وتقطع أَمعاءَهم وتخرج من أَدبارهم ولا تكرير فى ذلك تحقيقاً، بل بسط، أَو التنجية الأولى من عذابهم بالريح فى الدنيا والثانية من عذاب الآخرة بصيغة الماضى لتحققها كأَنه قد وقعت وكأَنها حضرت حين مجىءِ أَمره تعالى. أَو يفسر نجينا بحكمنا بمجموع التنجيتين أَو تبين ما يكون لهم من التنجية فى الآخرة لأَن ما فى الدنيا أَمارة للآخرة، وما تقدم أَولى، أَو المعنى وحكمنا بتنجيتهم من عذاب غليظ يصيب قومهم أَيضاً يوم القيامة.