خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ
١١
-الرعد

تيسير التفسير

{ لَهُ مُعَقِّباتٌ } جمع معقبة، والمعقبة جماعة فكأنه قيل له جماعات معقبات، أَو جمع معقبة والمعقبة مفرد وتاره على هذا للمبالغة وهاءٌ له للمخلوق - أَو لله عز وجل - ومعقبات الملائِكة والتشديد للمبالغة إذ يكفى أن يقال عاقبات اسم فاعل عقب بالتخفيف، وإذا قلنا إنه جمع معقبة للواحد والتاءُ للمبالغة اجتمع تأكيدان وذلك أن الملائِكة أَشداءُ التعقب على الإنس والجن فى كتب ما يعقلون وما يقولون، قيل وما يعتقدون على أن الله - جل وعلا - يطلعهم عليه يعقبون ذلك منهم بالكتب له أَو أَشداءُ التعقب عليه يحفظونه مما أَمرهم الله بالحفظ عنه كما قال: { مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ } يحفظونه من المضار بأَمر الله، ومن بمعنى الباءِ، أَو لأَجل أَمر الله لهم بالحفظ، ويجوز أن تكون للابتداءِ، والمعنى يحفظونه مما هو ملك لله لو وقع أَو من أَمر الله الواقع على غيره، والضر خلق لله وفعل له، أَما الإنس فمضرتهم من بعض لبعض، ومن الجن والهوام وغير ذلك كالتردى والاحتراق والشوكة والصاعقة فى النوم واليقظة، وأما الجن فمن بعض لبعض ومن الناس، ومما ذكر وما لم يؤمروا بالحفظ عنه لم يحفظوا أَحدا عنه، وأمرهم إنما هو بالإلهام فيقع الإنسان فى بئْر أَو عند سبع أَو نحو ذلك من المضار فليحقه الضر إذ لم يقع لهم إلهام وانكشاف لذلك، قال كعب الأحبار رضى الله عنه: لولا أن الله تعالى وكل بكم ملائكةً يذبون عنكم فى مطعمكم ومشربكم وعوراتكم لاختطفتكم الجن، ومعنى من بين يديه ومن خلفه من جهاته كلها فأَشار إليها كلها بالجهتين كما يشار بالأَول والآخر إلى الوسط معهما، أَو معناه من الأعمال ما قدم وما أُخر، وذلك فى الملكين الكاتبين، وقيل: الكاتبون لكل أحد أربعة فصاعدا، روى أنه تطلع خمسة باتوا معنا فيقول الله لهم كيف تركتم عبادى فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون، ويصبح معنا خمسة فيقال لهم فيقولون ذلك لأَنهم يجتمعون عند العصر، وقيل عند المغرب وفى قرب الفجر، وقيل فى الفجر، وقال اللقانى: عشرة ليلا وعشرة نهارا، وقيل خمسة ليلا وخمسة نهار، الأول على اليمين لكتابة الحسنات، والثانى على اليسار لكتابة السيئات، والثالث على الناصية يرفعه إن تواضع، ويضعه إن ترفع وآخر يقيه عن الأذى وآخر يقيه عن الهوام، ومن بين يديه إلخ متعلق بما قبله، وإن علق بيحفظونه فلا بأْس لأنها بمعنى فى، ومن فى من الله للابتداء أو السببية أَو الاستعانة كما مر { إنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ } فى قوم أو لقوم أو مع قوم من نعم الصحة والمال والجاه والستر ونحو ذلك { حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } من الحالة الحسنة بالمعصية، وكل أحد يولد على الفطرة حتى يبلغ فيكفر أَو يبقى على الخير، أَو من حال حسنة كالجود والعدل، ولو كان كافرا فإِذا جار سلب ماله مما يستحسنه، وقد يبقيه أو يزيده مما يحب استدراجا، والشكر يبقى النعم والكفر يزيلها { وَإِذَا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءاً } ضرا { فَلاَ مَرَدَّ لهُ } لا رد له، قيل: المعقبات، الحرس حول السلطان يحفظونه بإذن الله، وإذا أراد الله به سوءاً لم يدفعوه بل إن شاءَ سلطهم عليه وذلك كالتهكم بهم { وَمَا لَهُمْ مِّنْ دُونِهِ مِنْ وَّالٍ } يليهم يدفع العذاب أو بعضه قبل وقوعه أو بعده.