خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ
١٤
-الرعد

تيسير التفسير

{ لَهُ } لا لغيره { دَعْوَةُ الْحَقِّ } الدعاءُ إِلى التوحيد فإِن الدعاءَ إِليه دعاءُ حق لا باطل، أَو الحق هو التوحيد، ودعوة التوحيد هو الدعاءُ إِليه، وليس من إِضافة الموصوف إِلى الصفة كما قيل، وإلا قيل: الحقة؛ إِلا أَن يتكلف أَنه مصدر كما يقال امرأَة عدل، أَو أَول الدعوة بالدعاءِ، فكأَنه الدعاءُ الثابت أَو المستجاب، فإِِن مالا يستجاب باطل كما قال: { لا يستجيبون لهم بشىءٍ } أَو المراد دعوة المدعو الحق وهو الله، وقيل: الحق الله، وكأَنه قيل لله دعوة الله فيشكل بظاهره، ويؤول بأَن كل ما كان دعاءً إِليه تعالى يكون له، وأَنه أَمر به ولا يليق بغيره، وكل دعاءٍ إِليه هو دعاءٌ له بمعنى أَنه أمر به { وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَىْءٍ } ذكر الأَصنام بما يذكر به العقلاءُ لأَنهم يعظمونها كأَنها عقلاءُ، وواو يدعون للمشركين، والذين للأَصنام والعائِد هاءٌ محذوفة، أَى والأَصنام الذين يدعوهم المشركون، أَو الذين للمشركين، والعائِد الواو ومفعول يدعون محذوف ظاهرا يعودا إِليه واو لا يستجييبون فإِِن واوه على كل وجه للأَصنام، وهاءٌ لهم على كل حال للمشركين، لا تستجيب الأَصنام لعابديها بشىءٍ مما يطلبونها إِليه { إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ } أَى إلا استجابة كاستجابة من يبسط يديه من فم البئْر إِلى الماءَ فى قعرها، أَو باسطهما إِلى السحاب مع ضم أَصابعه ونصبهما لتمسك له الماءَ ليدخل فاه، أَو يصله وهو عطشان، والماءُ جماد لا شعور له بعطشه، ولا يبسط الكفين إِليه ولا قدرة له على إِجابة الدعاءِ، ولا يطلع إِليه الماءُ، أَو ينزل إِليه، فكذا دعوا الأَصنام وهى جماد لا تعلم بدعائِهم ولا تستجيب لهم إِن دعوهم لا يسمعوا، بقى أَنه لا استجابة للماءِ أَلبتة، فكذلك لا استجابة للأَصنام فذلك كقوله:

ولا عيب فينا غير أَن سيوفنا بهن فلول من قراع الكتائب

فإن ذلك لا يختص بالمدح والذم { وَمَا هُوَ } أى الماءُ { بِبَالِغِهِ } أَى ببالغ فيه، أَو فوه ببالغ الماءِ، أَو ما باسط كفيه إلى الماء ببالغ الماءِ، والأَول أَولى لأَن البالغ فى قوله: ليبلغ فاه هو الماءُ، ووجه الثانى والثالث التفنن فى البالغ ويجوز أَن يكون المعنى كباسط كفيه بتفريق أَصابعه، أَو مع ضمها ممتدة فى حوض أَو إِناءٍ واسع، فإِنه لا يغترف له الماءُ بذلك، وما تقدم أَولى لتمام التشبيه فيه بخلاف هذا قد يبقى ماءٌ قليل فى أُخمص راحته، مع أَنه لا نفع كثير ولا قليل من الأَصنام { وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ } طلبهم حوائِجهم من الأَصنام أَو عبادتهم إِياها، أَو ما عبادتهم الله لأَنهم قد يعبدونه كالطواف { إِلاَّ فِى ضَلاَلٍ } ضياع حين يحتاجون لا نفع فيه، لا تنفعهم الأَصنام، ولا يقبل الله عبادتهم إِياه لشركهم، قال ابن عباس: أَصوات الكفار محجوبة عن الله تعالى فلا يسمع دعاءَهم، ومعنى حجبها وعدم سمعها أَنها غير مقبولة، والله لا يخفى عنه شىءٌ.