خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ
٢٦
-الرعد

تيسير التفسير

{ اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ } قدم المسند إِليه تأْكيدا بإِسنادين،لأَن فى يبسط ضميره لا للحصر كما قال عبد القاهر وتبعه عليه من لم يتأَمل والذوق لا يقبل أَن قولك زيد يقوم للحصر، وبسط الرزق توسيعه، وذلك استئْناف بيانى كأَنه قيل: لو كانت لهم اللعنة وسوءُ الدار، لم يبسط الله رزقهم؛ فأَجاب بأَن بسطه لهم ليس لرضى الله بكفرهم بل لحكمته أَن يجازيهم فى الدنيا على خير عملوه، أَو أَن يزدادوا عذابا بكفر النعم وقد يضيق على الكافر لينزجر، وقد يضيق على المؤمن ليعظم ثوابه لا لإِهانته، ويبسط له ليزيد شكرا، ولذلك علق البسط والتضييق بمشيئته لا بقيد كفر أًو إِيمان بل إجمالا كما قال: { الله يبسط الرزق } { لِمَنْ يَشَاءُ } البسط له من كافر ومؤمن { وَيَقْدِرُ } يضيقه لمن يشاءُ منهما { وفَرِحُوا } أَى كفار مكة أَو عموما فيدخلون بالأَولى، ويبعد عطفه على ينقضون أَو يفسدون، على أَن ما بينهما اعتراض، ووجه البعد أَن الفرح بالحياة الدنيا مثل ينقضون وما بعده فى أَن يجاب به السؤَال المقدر على الاستئناف البيانى فلو كان العطف على ذلك لأَخر قوله: { الله يبسط الرزق } إِلخ، ولم يتعرض به، ويدل على عدم العطف عليه أَن الثانية بصيغة الماضى، فإِنه ولو جاز ذلك العطف لكن الأَنسب التوافق فى الماضوية أَو المضارعية { بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا } فرح بطر لا فرح سرور بفضل الله وقصد شكر عليه، وهذا تقبيح لحالهم إِذ ركنوا إلى الدنيا واستعملوا فى المعصية ما أُعطوه ليعبدوا الله - عز وجل - به، والآية دليل على أَن الركون إلى الدنيا حرام، وفى الآية حذف والأصل، وفرحوا بنعم الحياة الدنيا، وبالحياة الدنيا فى النعم { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِى الآخِرَةِ } فى جنب حياة الآخرة، يتعلق بمحذوف حال من المبتدإِ عند مجيز ذلك، وهو ضعيف لأَن عامل المبتدإِ الابتداءُ، وهو لا يقيد بالحال إلا أن يعتبر النفى، والأَولى أَن يتعلق بنسبة الكلام؛ كأَنه قيل: محكوم عليها فى جنب الآخرة { إِلاَّ مَتَاعٌ } شىءٌ قليل يتمتع به كما يستصحبه الراعى إلى رعيه من طعام أَو إِلى أَهله من لبن ضحى أَو يتعجل به المسافر بلا احتفال، أَو يعطاه وهو راكب أَو غذاءٌ أَو عشاءٌ، والتنكير للتحقير، ولو ملكوا ما ملكوا لأَنه لا يكمل، ويتكدر وينقطع أَو ينقطعون، أَو المعنى الدنيا مزرعة الآخرة، نام صلى الله عليه وسلم على حصير فقام وقد أَثر فى جنبه فقالوا: يا رسول الله لو اتخذنا لك مهدا؟ فقال: "ما لى وللدنيا ما أَنا فى الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها" .