خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلَّيلِ وَٱتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَٱمْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ
٦٥
-الحجر

تيسير التفسير

{ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ } وهم من أسلم، أو هم وعياله، واختلف فى زوجه هل بقيت أَو سارت { بِقِطْعِ مِّنَ اللَّيْلِ } فى بعض من الليل ولا دليل على تخصيصه بآخر الليل ولو فسر به قول الشاعر:

افتحى الباب وانظرى فى النجوم كم علينا من قطع ليل بهيم

مع أنه لا يلزم تفسير الشعر بالأَخير والشاعر رغب فى المكث مع حبيبته فيستريح بما بقى، أَو رهب فيستريح بقلة ما بقى { وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ } كن خلفهم لتنشط الضعيف وتؤمن الخائِف وتدل على الطريق من حاد عنه وتسرع بهم قبل الصبح إِنقاذاً لهم من العذاب، ولئَلا يشتغل قلبك عن الذكر بمن خلفك ولئَلا تغفل عمَّن خلفك{ وَلاَ يَلْتَفِتْ }مطلقاَ أَو إِذا وقعت الصيحة { مِنْكمُ أَحَدٌ } وراءَه لينظر ما ينزل فإنه يموت بالنظر إليه إذ لا يقوى قلبه على مشاهدته مطلقاً، أَو إِذا وقعت الصيحة، أَو لأَن الله أَمر الملائِكة برمى من التفت، وقالت: واقوماه، فرميت بحجر، أَو يرمى من التفت لعدم امتثال النهى، وفى هذا بعد، أَو نهوا عن الالتفات قطعاً لهم على أَن يتمنوا الرجوع فلا تخلص هجرتهم، أَو تتعلق أَنفسهم بمواطنهم فتنقص هجرتهم، وَلا تخلص، لما أَلقى الخليل صلى الله عليه وسلم هاجر مع ابنها إسماعيل لم يلتفت إليها، أَو لئَلا يرقوا على قومهم، أَو لئَلا يقضوا أَوطارهم بكثرة النظر فتسهل الفرقة فينقص الأَجر، أَو لا يتخلف لغرض عن الهجرة، والتخلق لازم للالتفات فعبر عنه بالالتفات، وفى ذلك خطاب قومه معه خطابه وحده والتفات من غيبة القوم إلى خطابهم { وَامْضُوا حيْثُ تُؤْمَرُونَ } أَى إِلى حيث تؤْمرون كما قال شاعر:

" إلى حيث أَلقت رحلها أُم قشعم"

ولا يقال إلى حيث أَمركم الله بالمضى إليه، لأَن حيث لا يرجع إليها الضمير من الجملة بعدها إلا نادرا، وليست منعوته بالجملة بعدها بل مضافة إليها، وأَخطأَ من قال: إن هذا ممنوع مع بقائِها على الظرفية لا مع خروجها عنها كما أُخرجت هنا عن الظرفية بدخول إلى، وإِن فسرنا امضوا بسيروا أَو حيث بالزمان لم تقدر إلى، لكن لو كان الزمان لقيل حيث أُمرتم، ولو قيل هذا لم يشتمل على الموضع الذى يؤمرون بالذهاب إليه، وعلى أَنه مكان وهو الأَصل فيه تكون مشتملة على التعرض له إِجمالا وهو الشام أَو مصر أَو الأَردن أَو موضع النجاة مطلقا كأَنه قيل: سيروا فى موضع الأَمر بالسير، وأُضيف الموضع للأَمر بالسير فى هذه الغاية لأَنه المراد فى نفس الأَمر ولالتباس الأَمر بشىءٍ بذلك الشىءِ.