خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
١٠١
-النحل

تيسير التفسير

{ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ } بنسخ حكم الأولى أو لفظها أو حكمها ولفظها.
{ وَاللهُ أعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ } مقتضى الظاهر، ونحن نعلم بما نزل، ولم يعبر بذلك لتفخيم الأمر بلفظ الجلالة والجملة معترضة أولى من أن تكون حالا، إلا أن التحقيق عندى أن المعترضة المقرونة بالواو معطوفة على الجملة التى هى فى وسطها ولو كان المعطوف لا يتقدم على المعطوف عليه، إذ لو جعلنا الواو اعتراضية لكانت كحرف الهجاء لا معنى لها، وكذا إذا قلدتم فى واو الاستئناف، وجعل الواو اعتراضية أو استئنافية خطأ، بل تجعل الواو عاطفة أو حالية، وساغ عطف الجملة المعترضة على الجملة التى هى فى داخلها قبل تمامها، مثل: إن قام ويقعدا أخواى يقعدا على أخواى قبل تمامه، ولا يصح ما قيل أن المعطوف عليه، قام وحده، إذ لا تعطف الجملة على فعل وحده.
{ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ } يا محمد { مُفْتَرٍ } كاذب على الله، إِذ لو كان القرآن من الله لم يأمرك بترك شئ بعد الأمر به، أو بفعل شئ بعد النهى عنه.
{ بَلْ أَكْثرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ليسوا من أهل العلم أو لا يعلمون حكمة النسخ وهى أن يعملوا بشئ إنى وقت معلوم عنده، فيأمرهم بخلافه فى ذلك لصلاحه، كما يأمرون عبيدهم ومَنْ تحت أيديهم، وعندهم أنه إذا كان كذا أمروهم بخلافه، إلا أنهم يجهلون، والله لا يجهل، ولهم بداوة، والله لا بداوة له، وللطيب الماهر يأمر أحداً بشئ، ثم ينهاه عنه، ويأمره بضده وكذلك أمر الديانة طب لأهلها. فخلف باختلاف الأسباب لأوقاتها، ولما شاء الله من الحكم، قال ابن عباس رضى الله عنهما: كان المشركون إذا نزلت آية فيها شدة، ثم نزلت آية أخرى تنسخها إِلى أخف منها تخفيفًا عليهم، أو إلى غير أخف لمصلحة قالوا: إن محمداً يسخر بأصحابه، يأمرهم اليوم بأمر، وينهاهم عنه غداً، إنما هو مفتر يتقوَّله من تلقاء نفسه، فأنزل الله عز وجل: { وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون }.