خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلْنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
١٢
-النحل

تيسير التفسير

{ وَسَخَّرَ } سهل أَو هيأَ فى مصالحكم، وسمى ذلك تسخيرا إطلاقا للخاص على العام، أَو استعارة؛ لأَن حقيقة التسخير قهر الحى على ما يكرهه وذلك بجامع الصعوبة فى الجملة، ولا صعب على الله عز وجل، أَو لما كانت حركة القمر والشمس الطبيعية من المغرب إلى المشرق، وكان الفلك الأعظم يجرى بهما من المشرق إلى المغرب مخالفا لحركتهما كانا كمقهور على مالا يريد، وحدوث الليل والنهار ليس إِلا لحركة الفلك الأَعظم، وأَما حركة الشمس فسبب لحدوث السنة، ولذا لم يغن ذكر الليل والنهار عن ذكر الشمس { لكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } اليوم عبارة عن دورة فلك الكواكب من النطح إلى النطح ومن الشريطين إلى الشريطين ومن البطين إلى البطين وهكذا إلى آخر المنازل، ومن درجة المنزلة ودقيقتها وأخفى من ذلك إلى اقصى ما يمكن الوقوف عليه، وما من يوم من طلوع الشمس أخفى إلى طلوعها، أَو من غروبها إلى غروبها، أَو ما بين ذلك إلى ما بين ذلك إلا وفيه نهاية ثلثمائة وستين يوما فاليوم طول ثلثمائة وستين درجة لأَنه يظهر فيه الفلك كله وتعمه الحركة { والشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ } بإرادته وإيجاده وحكمه وموافقة ما أراده بها من المنافع بلا تخلف، والنصب على الحال المؤكدة لعاملها وهو اسم مفعول، أَو على المفعولية المطلقة وهو مصدر ميمى لأَنه من كل رباعى أو خماسى أَو سداسى بوزن اسم مفعوله، أَى تسخيرات والمصدر يجمع وثنى للدلالة على الأَنواع، ولو قيل تلك النباتات بالكواكب والأَفلاك، لقيل لم اختصت ببعض الجائزات فبان أَن لها مانعا مختارا لبعض الجائزات كمقدار من الطعم ونوع منه، ومقدار من الأَلوان والطول والقصر { إنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقوْمٍ يَعْقِلُونَ } جعل هذا فاصلة لما قبله لأَن العلويات أَظهر دلالة بها وجود الباهرة، وأَبين شهادة للكبرياءِ والعظمة فيكفى فى الدلالة بها وجود العقل مع استعمال وتدبر ما بخلاف النبات وما معه فلا بد فيه من الحد واستعمال العقل فختم بالتفكر، وجمع الآية هنا لأَن ما هنا أَنواع من الدلالة ظاهرة بالمشاهدة.