خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ
١٧
وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٨
-النحل

تيسير التفسير

{ أَفَمَنْ يَخْلُقُ } كل ما يشاء كما شاهدتم ما ذكر وأَقررتم به، وليس المراد ما ذكر فإنه مضى خلقه إلا بتأَويل الحال له كأَنهم حضروا وشاهدوا خلقه، بل المراد الإطلاق والتجدد والاعتياد فيشمل الماضى والحاضر والآتى وكل ما ذكر خلق له { كَمنْ لاَ يخْلُقُ } شيئاً ألبتة، المعنى، أَسويتم الله الخالق بمن لا يخلق فى العبادة ولم تخصوه بها، ولذلك لم يكن الكلام، أَفمن لا يخلق كمن يخلق، أَو جعلوه كأَنه من جنس المخلوقات العجزة شبيها بها، ولا يصح أن يقال: بالغوا حتى جعلوا الله فرعا فى العبادة على أصنامهم لأَن قولهم: تقربنا إلى الله زلفى ينافيه، ومن الثانية للأَصنام على اعتقادهم عظمتها حتى كأَنها عاقلة أَو للعقلاءِ وغيرهم، فإِن ممن يعبد من الخلق الملائكة وعيسى وغيرهم ومن قريش من يعبد الملائِكة، أَو على مشاكلة من الأُولى الى للعالم أَو ذلك على تأْكيد نفى المساواة كأَنه قيل: أَيكون الله الخالق كالملائِكة وعيسى الذين لا يخلقون وهم يعلمون فكيف من لا يعلم كالأصنام { أَفلاَ تَذكَّرُونَ } فإِن الحق فى ذلك يدرك بأَدنى تأَمل بل بمجرد التفات فى الشأْن، وما ذكر تذكير تفصيلى بطائفة من النعم عقبه بتذكير إجمالى بقوله:
{ وَإِنْ تَعُدُّوا } إن أردتم العد { نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا } تنبيها على أن وراءَ تلك النعم نعما لا تقدرون على حصرها بعدد أَفرادها ولا أنواعها فضلا عن أَن تقوموا بشكرها، وحق عبادته غير مقدور، لكن أُمرتم بالشكر على حسب الطاقة { إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ } لمن تاب { رَّحِيمُ } قدم الغفران لأَن التخلى قبل التحلى، وهو أَنسب بالفاصلة، ومن رحمته أنه لم يعاجلكم بالعقاب وتوسيع النعمة عليكم بعد تقصيركم ومبالغتكم فى المعاصى، ومن الجائز أَن يقال: غفور يستر الذنب فى الدنيا ولا يكشفه بالإِظهار ولا بالعقاب عليه، رحيم بنعم الدنيا ونعم الآخرة للتائِب.