خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ
٧
-النحل

تيسير التفسير

{ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ } حكم على المجموع { إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ } الأَثقال جمع ثقل وهو الشىءَ الثقيل وما يحتاج المسافر وغيره فإِن من الأشياء ما يعجز الإنسان عن حمله ولو ميلا إلا نفسه، والمراد الأحمال كذا قيل، وهو خطأ والصواب أن المعنى لا تبلغوه ماشين على أَرجلكم غير حاملين لشىءٍ إلا بشق الأنفس إلا بتعب عظيم، أَو إِلا بشق قوتكم أى بنصفها وغيره زائل بذلك المشى كما يقال لا تنال كذا إلا بقطعه من كبدك والظاهر أَنه يجوز إِطلاق الشق على ما دون النصف أيضاً وتحتمله الآية، ويجوز أَن يقدر غير بالغيه بها أى مع الأَثقال المحمولة على الأنعام إلا بشق ونكر البلد للتعظيم فى البعد قال ابن عباس: هى اليمن ومصر والشام، ولعله نظر إلى أنها متاجر أهل مكة، ولعله أراد التمثيل كما مثل بعضهم بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فالظاهر أَن المراد البلد البعيد مطلقا وأَن ذلك فى الذهاب والرجوع وهذه الخطابات الماضية والآتيات مخالفات للغيبة فى الإنسان من قوله تعالى: " { خلق الإنسان } "[النحل: 4] لكن المسمى منها التفاتا هو الأول فقط وهو لكم فى قوله عز وجل: " { خلقها لكم } "[النحل: 5] وما بعده تبع له على أَصله، حتى لو اغتاب بعد الأَول لكانا التفاتا منه إلى الغيبة، والآية جاءت على الغالب، أو على من شرع فى السفر على المعتاد فلا تنافى كرامات الأَولياءِ ولا تبطلها فى طى مسافات الأرض يصلون المواضع البعيدة فى زمان قريب بقرينة الوجود ومشاهدته { إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفُ رَّحِيمٌ } كما لم يعاقبكم عاجلا وأَنعم عليكم بالأَنعام الحاملة ومنافعها، وقدم رءُوف مع أَنه أَخص إِذ هو أشد من الرحمة، للفاصلة لأَن بآخر الفاصلة نون، وإنما يناسبها ميم لتقاربهما بخلاف الفاءِ فبعيدة عن النون.