خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً
٣٤
-الإسراء

تيسير التفسير

{ وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ } فضلا عن إتلافه لوجه ما أو تضييع { إِلاّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } أى هى حسنة أو حسن من غيرها، والخطاب للأولياء والقيِّمين بمال اليتيم بالإيصاء، أو للعشيرة أو بالاحتساب، والتى هى أحسن الفعلة النافعة جداً من حفظ ماله وتنميته، والتجر به لليتيم، وإخراج الحقوق منه كالزكاة، وإنفاقه منه بحسب ما يصلح له، وبحسب ماله وإلباسه وإسكانه ومركبه وسرقه منه لعمله، وكل ما يحتاج إليه، أى إلا بالطريقة التى هى أحسن الطرق فى شأنه ومن خالف ذلك فقد فعل كبيرة.
{ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } قوَّته بإيناس الرشد، وصلاح بدنه للقيام بماله، ولا ينحصر ذلك فى سن، لكن بعد البلوغ فقد يبلغ أشده بأربع عشرة سنة وبأقل بعد البلوغ، وبأكثر. وذكر بعض العلماء أن أشده بلوغ ثمانى عشرة سنة، وذلك أشدُ اليتيم، وأما أشد الرجل فقيل ثلاثون سنة، وإذا بلغ أشده لم يجز لأحد أن يقرب ماله ولو بالتى هى أحسن إلا بإذنه، إلا إن كان يفسده، فإنه يمنع منه، والمنع منه هو من التى هى أحسن، والأشد مفرد كالآفك أو جمع لا واحد له من لفظه، أو جمع شدة كنعمة وأنعم، أو شد بكسر شينهما أو شد بفتحها كضر وأضر.
{ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ } عهد الله إليكم بالأوامر والنواهى، وما التزمتم لنفسكم لله من نفل، والعهد بينكم وبين الخلق، أو المراد ما عاهدتم الله به من قبول ذلك والتزامه.
{ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً } مطلوبا يطلبه الله، أو الخلق ممن عهده أو عهد إليه، والمراد أنه ليس مغفولا عنه، فلا يضيع، أو يسأَل العهد بنفسه كذلك تبكيتا للمعاهد إن نكث كما تُسأل الموءودة لا أبوها تبكيتا له، كما قال عز وعلا:
" { وإذا الموءودة سئلت بأى ذنب قُتلت } "[التكوير: 8 - 9] أو ذلك من باب الحذف والإيصال، والأصل مسئولا عنه، فالمسئول المعاهد، أو يقدر مضاف كذلك أى إن صاحب العهد كان مسئولا أو العهد بمعنى العاهد أى المعاهد، ولا نسلم أن العهد مشبه بالناكث، فإنه لا وجه شبه بينهما فضلا عن أن يقال شبه العهد بمن نكث، وسئل عن نكث عهده، فاستعمل عبارة المشبه فى المشبه به على الاستعارة التمثيلية وفضلا عن أن يقال شبه العهد بمن نكث عهداً تشبيها مضمراً مرموزاً إِليه بنسبة السؤال إليه، تخييلا عن الاستعارة المكنية والتخييل.