خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً
٥٦
-الإسراء

تيسير التفسير

{ قُلِ } للمشركين العابدين لغير الله من العقلاء كالملائكة والجن، وعيسى ومريم، وعزير لقوله: " { أولئك الذين يدعون } " [الإسراء: 57].
{ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ } قال ابن عباس: كل زعم فى القرآن بمعنى الكذب، ويطلق أيضا على الحق، ويطلق أيضا على ما قيل بلا دليل، ولا يقطع بكذبه، ومن الحق قوله صلى الله عليه وسلم:
"زعم جبريل على ما قيل من وروده" وقول ضمام بن ثعلبة: أتانا يا محمد رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك كذا قيل.
قلت: الحق أن هذا مما لم يتبين له دليل، فلما قال صلى الله عليه وسلم صدق رسوله، فتحقق الأمر عند ضمام أن زعم رسوله حزم، وأن زعمه صلى الله عليه وسلم جزم، وقول سيبويه: زعم الخليل يحتمل عدم الدليل.
{ مِنْ دُونِهِ } معنى من دون غيره، فليس المراد أنهم يعبدون غير الله وحده، وقريش يعبدون الله وغيره، ولا إشكال، ويجوز أن يقال: عبادة غير الله ناقصة لعبادة الله، فكأنهم اقتصروا على عبادة غير الله والتقدير زعمتم أنهم آلهة، أو زعمتموهم آلهة، والأول أولى لقلة نصب زعم مفعولين صريحين نحو: زعمتنى شيخاً، ولوروده فى سائر القرآن بأن، وإن قيل كان بعض العرب يعبدون طائفة من الملائكة يسمونهم الجن، وبعض وهم خزاعة يعبد طائفة من الجن، وأسلم الجن دونهم، ويجعلون للملك الذى يعبدونه تمثالا على صورته التى يتوهمونها، ويعبدونه.
وعن ابن عباس ومجاهد: نزلت فى الذين يعبدون المسيح، وأمه وعزير أو الملائكة والشمس والقمر والنجوم، وعليه فقوله:
" { أولئك الذين يدعون } " [الإسراء: 57] إلخ راجع إلى المجموع لا الجميع، لأن الشمس والقمر والنجوم لا تتصف بابتغاء الوسيلة أيهم أقرب، والأصنام كذلك إن أدخلت فى الآية، والأولى تخصيصهم بالعقلاء المذكورين من الملائكة والأنبياء.
وروى أن قريشا أصابهم قحط شديد أكلوا به الكلاب والجيف، واستغاثوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل قوله تعالى: { قل ادعوا الذين زعمتم من دونه }.
{ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً } لا يستطيعون إزالة القحط والمرض والفقر، والمصائب عنكم، ولا تحويلا لذلك عنكم إلى غيركم ممن لا يعبد هؤلاء، ولا سيما أن عزيراً مات، فكيف يزيل ذلك وإِنما يزيله الله، قال الله عز وجل:
" { وما بكم من نعمة فمن الله } " [النحل: 53].