خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ يَقْرَؤونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً
٧١
-الإسراء

تيسير التفسير

{ يَوْمَ نَدْعُوا } اذكر يوم ندعو أو اذكر الحادث يوم ندعو، أو اذكر قراءة الكتب، أو اذكر العدل والجزاء يوم ندعو، دل على ذلك يقرءون ولا يُظلمون.
{ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ } نبيهم، أمة فلان، أو بمن ائتموا به، أو بمقدمهم فى الدين مثل: يا حزب جابر بن زيد، ومثل يا أصحاب عامر بن علىّ، أو بكتابهم يا أهل القرآن، أو يا أهل الإنجيل، أو يا أهل التوراة أو نحو ذلك ما عملتم فى كتابكم، أو يا أهل الكعبة، ويا أهل الصليب، فيكون فى النار، ويا عبدة البقرة.
عن أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم:
"ينادَى: يا أمة إبراهيم، يا أمة موسى، يا أمة عيسى، يا أمة محمد، فيقوم أهل الحق الذين اتبعوا الأنبياء فيأخذون كتبهم بأيمانهم، ثم ينادَى الأتباع: يا أتباع نمرود، يا أتباع فرعون، يا أتباع فلان، يا أتباع فلان، من رؤساء الضلال، ويدعى أيضاً من شاء الله عز وجل من الأفراد كماتدعى الجماعة" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فحسِّنوا أسماءكم" .
وفسر بعضهم الإمام بالقوى الداعية للخير والشر، كالقوة النظرية والعملية والغضبية والشهوية، وشهوة الحياة والرياسة، والشجاعة، والصبر، والقناعة، ولا أقبل مثل هذا. وقيل: الإمام كتاب الأعمال كما قال الله عز وجل: " { وكل شئ أحصيناه فى إِمام مبين } "[يس: 12]. وعن أبى هريرة: "يدعى يا أهل الصلاة من بابها ويا أهل الصدقة من بابها، ويا أهل الجهاد من بابه" وهكذا كما فى الحديث بطوله، حتى قال أبو بكر: وهل يدعى أحد من هذه الأبواب كلها قال: "نعم وأرجو أن تدعى منها" كما بسط فى محله، وقيل: يا صاحب الخير ويا صاحب الشر.
وعن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة، رفع لكل غادر لواء يوم القيامة، فيقال: هذه غدرة فلان ابن فلان" أخرجه البخارى ومسلم، وفيه نداؤهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، وقيل بأسماء أمهاتهم ستراً على أولاد الزنى، وعلى الآباء ورعاية حق عيسى، قيل: وإظهاراً لشرف الحسن والحسين تشريفًا بفاطمة، رضى الله عنها، لأنها بنت النبى صلى الله عليه وسلم، كما قيل: إن إمام جمع أم ولا تنصت إلى مثل هذا، ولو دعى أَولاد الزنى بآبائهم لم يعرفوا، لأنهم لم يعرفوا فى الدنيا، وأيضاً ليسوا بآبائهم شرعاً.
وذكر القرطبى أنه يقال: يا حنفى يا شافعى يا قدرى يا معتزلى ونحو ذلك، وذلك الدعاء لإيتاء الكتب وللاطلاع على ما فيها، وقراءتها والجزاء، ولذلك رتب عليه بقوله:
{ فَمَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ } من سعداء أولئك المدعوين، كما فسر بعض المتأخرين الدعاء بأنه يقال: يا صاحب كتاب الخير، ويا صاحب كتاب الشر، والمراد بكتابه كتاب عمله، والمراد الجمع، وروعى لفظ من وأفرد، وروعى المعنى فجمع فى قوله:
{ فَأُولئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ } فرحين بما فيه، ذاكرينه لغيرهم تبجحاً، وأما الأشقياء فيقرءونه حزانى مغتمين، ويصعب عليهم قراءته لسوء ما فيه، حتى كأنهم لا يقرءونه، أو يمتنعون منها، ثم يقرءونه أو غشيهم من اليم والخجل ما يحبسهم عن قراءتها، ثم يقرءونه، وكذلك لم تذكر قراءتهم فى قوله:
" { وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول يا ليتنى لم أوت كتابيه } " [الحاقة: 25] وكذلك فى سورة الانشقاق.
وقد جزم بعض المتأَخرين بأنهم لا يقرءونه لذلك، وشهر فى الآثار أنهم يقرءونه حتى الأعمى يجعل له البصر فيقرأ، وليس فى عدم ذكر قراءتها نفيها.
{ وَلاَ يُظْلَمُونَ } لا ينقصون من ثوابهم { فَتِيلاً } شيئًا قليلاً مثل الممتد فى شق النواة، أو مثل ما يقتله الإنسان بأصبعيه من الوسخ، قيل أو مثل قميصها لأنه يقتل باستخراجه، وهو استعارة، وهو مفعول ثان ليظلم، لأن معناه ينقص، وينقص يلزم ويتعدى لواحد ولاثنين.