خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً
٨٢
-الإسراء

تيسير التفسير

{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ } فى الدين { وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } دنيا وأخرى، ومن للابتداء، فكل ما جاء من القرآن إِلى سيدنا محمد، فهو شِفاء ورحمة للمؤمنين، أو للتبعيض، فكل بعض جاء منه، فهو شفاء ورحمة إِلى أن تتم أبعاضه، أو للبيان، وأنكره أبو حيان لتقدمها على المبين، وأجازها فى غير ذلك، ولم يمنع من البيانية مطلقا أو أنها للتبعيض على معنى أن بعضه للشفاء من المرض كالفاتحة، وآيات الشفاء وهن ست: " { ويشف صدور } "[التوبة: 14] إِلخ " { وشفاء لما فى الصدور } " [يونس: 57] " { فيه شفاء للناس } "[النحل: 69] { وننزل من القرآن } إِلخ " { وإذا مرضت } "[الشعراء: 80] إِلخ " { قل هو للذين آمنوا هدًى وشفاء } " [فصلت: 44].
أصاب ولدَ القشيرى مرض أشفى به على الهلاك، فقيل له فى المنام: اكتبهن فى إناء واجعل فيه مشروبًا واسقه يبرأ، ففعل، فبرئ بإذن الله عز وجل، والله لا يرى فى المنام ولا فى اليقظة، وكفر من قال بغير ذلك.
والتحقيق فى تفسير الآية أن القرآ، شبيه بالدواء للمريض، والجهل وسوء الاعتقاد شبيه بالمرض، فهو مزيل لأمراض القلب، وهذا أولى، لأن القرآن نزل بالذات لذلك، وأما شفاء المرض فتابع إذا توسل به من قلب صفى. وتداوَى صحابى بالفاتحة، فقال صلى الله عليه وسلم:
"ما أدراك أنها رقية وصدقة" وأجاز له. ويجوز الاستشفاء بالقرآن تعليقًا وغسلا ومسحًا بالغسالة وشرباً، ولو بفعل الإنسان ذلك بنفسه لنفسه، كما كان صلى الله عليه وسلم يقرأ وينفث فى يديه ويمسح بهما جسده، وينزع ما علق إِذا أراد الكنيف أو الجماع أو يستره. كما ورد أنه صلى الله عليه وسلم يخفى نقش خاتمه إلى باطن كفه عند قضاء حاجة الإنسان، ولا يكتب دفعا لمرض قبل نزوله وأجازه بعض كما جاز الدعاء.
ونهى صلى الله عليه وسلم عن النشرة يعنى ما تكتبه الجاهلية لا معناه، وفى الخبر: "لا شفى الله من لم يستشف من القرآن" ووجه كون القصص والأخبار شفاء لمرض القلب أنها تتضمن الثواب والعقاب فى الدنيا، وكشف الغيب، وتفيد الاتعاظ بها، والثواب بقراءتها.
{ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا } لتكذيبهم به، إِذ كلما نزل شئ منه كذبوا به، فذلك زيادة خسائر وهو فساد الدين، بخلاف المؤمنين، فكلما نزل شئ منه آمنوا به، فذكر رحمة بازدياد الإيمان والثواب، وأيضا عدم انتفاع الكافر به خسار. وعن قتادة: لم يجالس القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقص، قضى الله الذى قضى { شفاء ورحمة للمؤمنين، ولا يزيد الظالمين إِلا خساراً }.

كماء صار فى الأصداف درًّا وفى ثغر الأفاعى صار سمًا

وفى ذكر الشفاء رمز إلى الاستعارة بالكناية، أو فى لفظ شفاء استعارة تصريحية.